مشكلة التنمر في بيئة المدرسة لم تعد مقتصرة على تنمر الطلاب على بعضهم البعض، واستقواء الأقوى على الضعيف، ولكن الدائرة اتسعت لتشمل المعلمين كذلك، فهناك طالب يتعالى على معلمه بأنه يأخذ راتبه مما يدفعه أهله، ومنهم من يتنمر على شكل أو صفة معينة في معلمه، أو طريقة كلامه أو حتى ملابسه، وليس الطلاب فقط، ولكن قد نجد أولياء الأمور كذلك يتدخلون بطريقة غير لائقة في كل صغيرة وكبيرة، فينهرون المعلم ويستكبرون عليه، ولن أشير لمشكلة تسلط المدراء على المعلمين فيما يخص إدارتهم للفصل وتعاملهم مع الطلاب، فمشكلة المدراء مع الموظفين عامة في كل المجالات، ولكن بما إن المعلم يتعامل مع أطراف متعددة ومختلفة فهو يقع تحت ضغط أكبر من غيره، فما برأيكم الحلول أو الإجراءات الممكن اتخاذها لحل هذه المشكلة؟
التنمر في بيئة المدرسة لم يعد مقتصر على الطلاب فقط ولكن المعلمين أيضًا!
لقد أصبح التنمر في البيئة المدرسية قضية معقدة تشمل عدة أطراف، ويبدو أن الحلول التقليدية لم تعد كافية. يجب أولًا بناء ثقافة من الاحترام المتبادل في المدارس، بدءًا من الطلاب وصولًا إلى المعلمين والإدارة. من الضروري إدخال برامج توعية تهدف إلى تعزيز الاحترام والتقدير بين الجميع، وتحقيق فهم أفضل لدور المعلم وأهمية وظيفته. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تطبيق آليات قانونية أو لائحية تعاقب المتنمرين، سواء كانوا طلابًا أو أولياء أمور. من جانب آخر، يجب دعم المعلمين نفسيًا ومهنيًا، وإعطائهم أدوات للتعامل مع الضغط وتحقيق بيئة عمل صحية. فقط من خلال العمل المشترك بين جميع الأطراف يمكننا مواجهة هذه المشكلة بفعالية.
ينبغي تطبيق آليات قانونية أو لائحية تعاقب المتنمرين، سواء كانوا طلابًا أو أولياء أمور.
اللوائح والعقوبات بإمكان المعلم أن يطبقها على الطالب، بأن يخصم منه درجات مثلا أو يكلفه بمهام إضافية، أو يمنعه من التواجد عدد معين من الحصص،ولكن ماذا في حالة أولياء الأمور؟ كيف يمكن ردع تنمرهم أو تدخلهم غير المطلوب في الوسط التعليمي؟
التنمر سلوك موجود من قديم الأزل، ولكن هناك ادوات رادعة، فكان المعلم لإمكانه معاقبة الطالب كما يستحق، دون تدخل الوسطات وخلافه، هذا كان يعطي للمعلم مكانة خاصة بذلك، لكن من أمن العقاب أساء الأدب وهذا ما يحدث حاليا خاصة مع انتشار التعليم الخاص
ولكن المشكلة كذلك أن بعض المعلمين أساءوا استخدام صلاحياتهم أسزأ استغلال وتجبروا في معاملتهم للطلاب بشكل قد نصفه بالإجرامي، هناك حوادث تشويه والتسبب في عاهات لبعض الطلاب على يد مدرسينهم، هناك من يدخل وهو يرتعش من الخوف لحصة أحد المدرسين، ودقات قلبه تتسارع بمجرد أن ينادي على اسمه، هناك طلبة لديهم تروما من طرح الأسئلة خوفا من غضب المعلم عليهم، ويقضون طوال وقت الحصة لا يفهمون شيء مما يقال وغير قادرين على إيضاح ذلك، ولهذا أنا أرفض ترك السلطة كاملة في يد المعلم ليقرر ما يفعل وفق أهوائه بالأخص إذا كان شخص غير أمين على مصلحة الطلاب وهم كثيرون للأسف، ولكن بالتأكيد يجب أن يكون هناك ضوابط وقواعد يعود لها فيما يخص أنظمة المحاسبة والعقاب.
سامحيني في نحن في دول لا تعطي للمعلم أو التعليم حقه .. فكيف نطالب الناس بأن تفعل المثل ، في أي دولة تحترم شعبها وتنوي تحقيق نهضة حقيقية فيها تبدأ بالأهتمام أولاً بقطاع التعليم ، وبالمعلمين بوضوع ليس فقط سياسات صارمة في المنهج التعليمي أو في خطط التطوير ، ولكن في جعل المعلم ((مقدراً))) بمعنى أدق تمنحه حقوق مادية وأدبية كاملة ، حتى لا تسمح بظهور ما يسمى بمافيا الدروس الخصوصية أو تسمح بتجاوزات الطلبة مع المعلمين أو العكس ، في الدول الحقيقية التعليم الحقيقي يشمل كل الطبقات وكل فئات الشعب .. لذا أرى أن المشكلة حلها يأتي من المؤسسات التعليمية المسئولة.
أنا لم أر نظام السناتر أو الدروس الخصوصية إلا في مصر حقيقة، وبكل صراحة هو سبب خراب التعليم وضياع قيمة المعلم وفقدان دوره وفقدان دور المدرسة وأهميتها، التعليم في مصر يقتصر على تعليم الطلبة كيفية اجتياز الامتحان، وللأسف هذه العقلية لا يمكنها أن تأتي بإبداع ولا تقدم، ولا يمكنها احترام دور شخص كل علاقتهم به أن يحشو أدمغتهم بمعلومات مقابل المال، المعلم في المقام الأول هو معلم فكر ومنهج وتربية، وطالما أنه دوره مختزل كملقن أو ناقل لن ينهض النظام التعليمي شبرا واحدا.
أعتقد أن موجة التعدي على حقوق المعلم حاليًا، والتي زادت بشكل كبير مؤخرًا في مصر. جاءت نتيجة عصر مقابل من تحكم وسلطوية المعلم على الطلاب، ربما استمر حتى أوائل الالفينات أو قبل ٢٠١١، كانت حينها حالات تعدي الأولياء والطلاب على المعلم سواء حرفيًا أو بالتدخل في شؤونه محدودة، وكان هناك في المقابل ارتفاع في عدد حالات الضرب في المدارس التي قد تصل للتشويه والعاهات المستديمة، وطبعًا السب بطريقة اعتيادية، بعد ٢٠١١ ظهرت عوامل كثيرة أدت لظهور النقيض وقلب هذا العالم التعليمي رأسًا على عقب، من تردي أكثر في مرتبات المعلم، تردي في المنظومة التعليمية ككل، ظهور جيل جديد أكثر شراسة من الطلاب متأثر بعوامل كثيرة حوله، وظهور أيضًا جيل جديد من المعلمين لم يعتد على كونه مهاجَم بهذا الشكل، ولم يقدر على أن يصبح الوحش المخيف كمعلمين الجيل السابق، أعلم أن الزاوية التي تناولت الموضوع منها غريبة ولا يتم الحديث عنها كثيرًا ولكن فعلًا برغم كون الحالة الحالية مزرية أيضًا، فأنا لا أقدر على عدم رؤية الربط بالحالة التي سبقتها.
أعلم أن الزاوية التي تناولت الموضوع منها غريبة ولا يتم الحديث عنها كثيرًا ولكن فعلًا برغم كون الحالة الحالية مزرية أيضًا.
بالعكس هي في صلب الموضوع، جرأة الطلاب في التنمر على المعلمين حاليا سببها تغير في موازين القوى، بعد أصبح المعلم مدرس سنتر ودروس خاصة وتغيرت شخصيات الأجيال الجديدة عن القديمة أصبحت هناك تغيير كبير في دور المعلم وصلاحياته، فكيف له مثلا أن ينهر طالب في المدرسة صباحا وهو يذهب لبيته مساء من أجل حصة خاصة يتقاضى عليها أجرا مباشرا منه! الطلبة أصبحت أكثر سلطة وموقعها أكثر قوة يجعلهم يفرضون النظام كما يحبون، وتردي الأوضاع المعيشية والاجتماعية للمعلمين جعلت كثير منهم لا يفكر سوى في تحصيل المال متناسيا دوره وقيمته ومقدما في ذلك تنازلات كثيرا.
للأسف، فلا يوجد حدود وضوابط، وخصوصًا في المدارس الخاصة. حتى الإدارة نفسها أحيانًا تخاف أن تتكلم مع أهل الطالب بسبب منصبه وسلطته، فيحدث التمرد بدون حدود وكأن الطالب يمتلك الدنيا كلها بماله حتى مشاعر الناس (إلا من رحم ربي).
نقطة أخرى هي تطور التكنولوجيا والانفتاح الكبير. فيعتبرون أنه إذا استهزأ بمن هو أكبر منه، فهو متطور ومنفتح وقوي و"funny"، وبالتالي محبوب أكثر من الطلاب على اعتبار أنه "cool" ولا يهتم بشيء.
فيجب وضع قوانين صارمة تطبق على الجميع دون استثناء، وأيضًا المدارس لها المسؤولية في التوجيه وزرع القيم الإنسانية.
نقطة أخرى هي تطور التكنولوجيا والانفتاح الكبير. فيعتبرون أنه إذا استهزأ بمن هو أكبر منه، فهو متطور ومنفتح وقوي و"funny"، وبالتالي محبوب أكثر من الطلاب على اعتبار أنه "cool" ولا يهتم بشيء.
ربما الدرس المستفاد هنا أن يفهم المعلم أصل وأسباب المشكلة من البداية ولا يأخذها بشكل شخصي ويكون موضوعي بشأنها، الطالب أو الإنسان الذي يتنمر على غيره هو لديه مشكلة خاصة به يرى أن التنمر وسيلة لعلاجها، ولهذا على المعلم أن يكون أكثر نضجا ليفهم أولا شخصية الطالب الذي أمامه وبالتالي دوافعه وراء تصرفاته ويتعامل بناء على هذا الأساس، إذا كان الطالب يفعل هذا فقط من أجل جذب الانتباه، فيجب على المعلم معاقبته بطريقة حازمة ولكن ليس بقسوة أي ليس بالنهر أو الصراخ بل يبدأ بتعلميه خطأ ما فعل ثم يكلفه بمهمة قد تكون ثقيلة بعض الشيء، ثم يعزز من السلوكيات الايجابية للطلبة الملتزمين ليكونوا قدوة لغيرهم ومثال لكيف يمكن للاجتهاد والالتزام أن يكون أكثر تأثيرا على الآخرين، أي ببساطة سيعطي للطالب إشارة أنه إذا أراد أن يكون محط اهتمام فعليه بتجربة طرق أخرى ستكون في صالحه أكثر.
الحلول الجذرية، تدخل قانوني من المشرع لسن قانون يعاقب المتنمر، أو تفعيل النصوص التي لدينا بالفعل.
وحل تربوي لتنشئة الطفل من صغره في بيئة صحية سليمة.
أما الآن، ليس هناك حلول الا شخصية المعلم القوية وعدم استسلامه امام هؤلاء.
وحل تربوي لتنشئة الطفل من صغره في بيئة صحية سليمة. ليس هناك حلول الا شخصية المعلم القوية وعدم استسلامه امام هؤلاء.
المعلم بالفعل لديه دور تربوي هام في حياة طلابه، فهو من يعلمهم القيم والأخلاقيات، ولذلك من الضروري أن يكون قدوة حسنة أمامهم في كل التصرفات والمواقف، وبالتالي إذا حدث أمامه مثلا حادثة تنمر طالب على زميله، فهو عليه أن يعلم كلا الطرفين كيف يتعاملان في ذلك الموقف حتى لا يتكرر، ولكن ماذا لو كان هو أحد هذه الأطراف؟ كيف يتعامل وكيف يستجيب؟ مع مراعاة أن كل ردة فعل منه قوية أو هادئة سيتأثر بها الطلاب ويتبنوها إذا ما تعرضوا لمواقف مماثلة.
التعليقات