اختبارات الاختيار من متعدد أم الأسئلة المقالية أكثر فعالية في أنظمة الامتحانات؟

بطبيعة الأمر فإن نظام الاختيار من متعدد لا يضطر الطالب إلى التعمق في الدراسة أو التكرار أو أخذ الملاحظات لأن نظام المذاكرة الأمثل سيكون في معرفة معلومات متفرقة عن الموضوعات، في حين أنّ نظام الأسئلة المقالية يحتاج من الطالب إلى معرفة الصورة الكاملة للموضوع، ينقص منها معلومة أو اثنين ولكنه بالنهاية على علمٍ بالتركيب الكامل للموضوع محل الدراسة

هذا مفهوم سطحي شائع فيما يتعلق بالأسئلة الموضوعية (الاختيار من متعدد وصح وخطأ ونحوها)، لا أعتقد أبدًا -بناءً على ما مررت به من تجربة- أن الأسئلة الموضوعية لا تضطر الطالب إلى التعمق في الدراسة، بل على العكس هي تتطلب تعمقًا في أدق التفاصيل في المنهج، كما أن المعلم من خلالها يستطيع أن يغطي أغلب المنهج، وفي غالبها لا تكون أسئلة مباشرة كما يتوقع الجميع، بل تتطلب فهمًا وتركيزًا، أما الأسئلة المقالية فهي كما أشرتِ تقيس المعرفة الكاملة لكن ليس للمنهج كاملًا بتفاصيله، بل لعدة نقاط محدودة فقط لا تنعكس بالضرورة على معرفة الطالب لجميع تفاصيل المنهج.

لكل منهما فائدته فالمقالي يساعد الطالب على تطوير مهاراتها في التعبير وصياغة الجمل لهذا لم يتم الاستغناء النهائي عن نوع هذه الأسئلة، اما الاختيار من متعدد فهو أصعب بكثير لأنه يعتمد على قدرة الطالب على التفكير لأن الإجابة أمامه ولكنه يحتاج إلى استذكار وترتيب أفكاره ليتأكد أي الإجابات هي الصحيحة والاختياري صعب جدا ويحتاج إلى التركيز ودراسة المنهج بأكمله وفهم كل نقاطه ونحن في دولنا متأخرون جدا في تطبيق هذا النموذج بدرجة كبيرة فهو متواجد في الخارج منذ عقود كثيرة وللتدليل على أنه صعب ليس كما تقولين بانه لا يضطر الطالب إلى التعمق في الدراسة! فأحمد زويل عندما ذهب للدراسة في أمريكا وأول اختبار واجهه كان الاختيار من متعدد وحسب ما قاله بأنه فشل في تحقيق درجات عالية لأنه غير معتاد على طريقة الاختبار الحديثة هذه فهو معتاد على السؤال المقالي الواضح والمباشر، ولكن بعد التدريب والدراسة الجيدة تمكن في النهاية من تطوير نفسه ونحن هنا نتحدث عن أحد أهم العقول في مصر وقتها وكان متفوقا لدرجة حصوله على منحه للدراسة في الخارج، ولكن ماذا حدث مع الاختبارات الحديثة معه دليلا على أنها ليست بهذه البساطة.

أعتقد أن الأمر يكون على حسب المادة موضوع الامتحان فهناك مواد يجب فيها الإجابة التفصيلية أو البرهنة او السرد حتى يظهر فهم الطالب للموضوع ومقداره كبعض العلوم الإجتماعية مثلًا فهذه في رأي لا يتماشى معها طريقة الأسئلة من نوعية الاختيار من متعدد كثيرّا، وهناك مواد أخرى تعتمد أكثر على المعلومات المحددة والصواب والخطأ وما إلى ذلك لهذا يناسبها هذا النوع أكثر وهكذا، وبصراحة لا أجد منطق لتعميم اي من النوعين على كل المواد والمواضيع، لكن الامتحان الواحد يجب أن يحوى كل أنواع الأسئلة هذه وبشكل يناسب الوقت المتاح للامتحان.

بحكم تجربتي فإن العديد من نماذج الاختبارات كانت فاشلة خاصة حينما تدرسين تخصصا تقنيا والصدمة أن تجدي حوالي 70 بالمئة من الأسئلة أسئلة حفظ وتلقين. لا إعمال عقلي فيها ولا هم يحزنون.

فالطالب يكون مطالبا بحفظ مقرّرات لا تسمن ولا تغني من جوع، وأكل عليها الدهر وشرب، وكلّ هذا نراه في امتحانات الطلبة، وهذا ليس بالأمر الجديد فهو متعارف بشكل كبير، فبعض الأساتذة هداهم الله لا يقومون بتجديد أسئلة الامتحانات إلا مرة كلّ عقد من الزمن، ما يجعل الكثير منها فاقدة للتحديث العلمي المطلوب، وفقيرة من الأساليب الحديثة في إعداد الأسئلة.

بالنسبة لي أرى في أن المشكل جذري وحلّه يتطلب حلّا جذريا، سواء بأسئلة متعددة الاختيار أو أسئلة مباشرة أو أسئلة حفظ مباشر.