النصائح الدراسية كثيرة، ووصل القارئ إلى مرحلة من الإشباع بخصوص النصائح العامّة (نظِّم وقتك، اطفئ الانترنت، قسم المهام) رغم أنَّ هذه النصائح هي الأساس في كل شيء.

لهذا أرى أنّ أنجع النصائح الدراسية هي التي تتحدّث عن هذه النقاط، لكن بطريقة مختلفة، بطريقة شخصية أكثر، بطريقة شخص مجرِّب، لا شخص يعيد تراجيع المقالات المنشورة.

فإذا كان بإمكانك أن تعطي نصيحة مشابهة، ماذا ستكون؟

إليكم نصيحتي، نصيحة شخص يدرس منذ 16 سنة، ولا يملك خبرة حول شيء أكثر من الدراسة.

نصيحتي ترتكز على أمرين، الأوّل هو الصبر، والثاني هو الزمن، وهما يتقاطعان منذ المربَّع الأول كما لا يخفى.

لكنِّي سأوضِّح كيف سيتقاطعان عندي حسب ما خَبرتُ وجرَّبتُ.

تخيّل أنّك تشاهد مباراة بين فريقي كرة قدم، وهذه صورة من المباراة

الآن، لو سألتك ماذا يرتدي الفريقان؟ ستقول فريق أزرق على أبيض، وفريق أبيض يقترب من السمائي.

صحيح، جوابك ممتاز.

لكن هل تأتي اسئلة المنهج بهذه الطريقة؟ لا. لن يكون سؤالًا يختبر الناس لو كان بهذا الوضوح.

ماذا لو سألتك الآن، ماذا كان لون جوارب الفريق السمائي؟ ستفكّر قليلًا، لو كنت يقظًا أجبتَ بطريقة صحيحة. لكن لو مررت على الصورة مرور الكرام، لتخيّلت أنّ جواربهم سمائية أيضًا، وهذا جواب خاطئ. كانوا يرتدون جوارب سوداء.

بالنسبة لي، لو مرَّ عليّ هذا السؤال، سأجيب بكل لون عدا السمائي. لماذا؟ لأنّي أعرف قوانين كرة القدم، وأعرف أنَّ ألوان الجوارب لا يجب أن تتشابه بين الفريقين، حتّى يعرف الحكم الإلتحامات البدنية ويفرّق المعتدي من المُعتدى عليه. لا بدَّ أن يرتدي الفريق السمائي جواربًا ذات لون مختلف عن الفريق الذي يرتدي الأزرق على شورت أبيض.

كيف عرفتُ هذا؟ لأنّي تابعتُ كرة القدم لفترة تكفي أن يمرُّ علي هذا القانون، فيكون ضمن قائمة معلوماتي.

مهلًا، ما علاقة هذا بكل هذا؟ ما علاقته بالدراسة؟ الآنَ أُنبيكَ اليقينَ كما جلا... وضَحُ الصَّباح عن العيونِ غياهبا.

عندما تقضي وقتًا في دراسة شيء، وتستخدم عاملي (الصبر على طول المادّة) و (الزمن ومرور الأيّام) ستعرف حتمًا عن المادة أشياء، قوانين وأعراف لا يمكن أن تختل.

نعم، في الدراسة قوانين مثل "عدم تشابه لون الجوارب بين فريقي كرة القدم" في كلّ موضوع هناك أمور لا يمكن أن تحدث، وهذه لا تعرفها إلّا بالصبر على المادّة، والإيمان بأنَّ الزمن هو الذي سيجعلك تتقنها.

حينما تصل لمرحلة تعرف فيها "قوانين الجوارب" في المادة التي تدرسها، فأنت تحقّق منفعتين أساسيتين:

1- ستستثني خيارًا خاطئًا في الامتحان، ستعرف حتمًا أنّ هذه الاجابة خاطئة كما عرفتُ أنّ الأبيض ليس اجابة صحيحة للجوارب.

2- وهو الأهم، ستعرف كيف تختبر نفسك قبل الامتحان أصلًا. حينما تدرس (لون فريقي كرة القدم) ستسأل نفسك حتّى لو لم تنتبه عن الجوارب (وماذا بشأن الجوارب؟ أعرف أنّهما لا يمكن أن يتشابهان) وستتنبه حينها للجوارب، لن تقرأ بشكل سطحي، وستدرس المادّة بشكل أعمق.