شكّلت مشاعر الحبّ الجميلة مصدرا وحافزا داخليّا أساسيا بالنسبة لي للتعلّم، فهي المسكنات التي تُهدِّئ من الضغط والتعب والألم، وتجعل العمل المُضْنِي مريحا وممتعا.. وتُشكِّل دافعا للاستمرار، وعُنْصُرَ جذْبٍ قوي..
كلامي عن التعليم والحب ليس كلاما مثاليا، أو مغرقا بالخيال، فبالنظر للماضي يظهر أن قوّة الحبّ كانت كافية لصنع فارق كبير في تعلمنا جميعا.. فمن منّا لا يتذكّر سعادته أثناء دراسته للتخصّص أو المادّة التي يحبّها، أو المعلّم الذي استماله لمادة معينة وجعله يعشقها، أو لتأثير الميول في التوجيه الذي نختاره لأنفسنا ... فنحن في الغالب لا نتفاعل إيجابيا إلا مع العناصر والأشخاص الذين نَحْمِلُ لهم حبا.
أتذكر شخصيا أنِّي أحببْت بعض الموادّ فقط لأنّني أعجبت بمدرسيها وشعرت بقربهم مني، فكريا ونفسيا وسلوكيا وإبداعيا، فأثمر ذلك على غرس حب تعلمها في قلبي وسعيت جاهدة للتميز فيها، وتحولت من عدم الرغبة إلى حافزية بأعلى درجاتها، فأصبح التعلم سبيلي لشحن الطاقة والنشاط والقضاء عن الملل والضجر ... وفي النقيض من ذلك كرهت بعض الموادّ فقط بسبب نفوري من طريقة وأسلوب معلميها.
وكلّما كبر الحب بداخلي كبر الجهد الذي أبذله وكبر معه الوقت الذي أقضيه في التعلم واتسعت طموحاتي ...
وهكذا حين أتأمل نفسي أجد أن مساري التعلمي مسارٌ للبحث عن لذّة الحب في التعلم، فكلما لمست في نفسي استمالةً لمجال معين، إلا وولجته بحثا عن الحب والسعادة والتلذذ بمتعة التعلم.. وبالتالي أرى أن الغاية من التعليم والتربية لا تتحقق إلا بالحب، وهو الأقرب بالنسبة لي إلى طبيعة الإنسان الفطرية وعلاقاته الإنسانية وكينونته الفطرية... دون إغفال للجوانب المتعددة من كينونته..
التعليقات