ما بين الواقع و الخيال كيف نرى مهنة المعلم؟ كيف يمكن أن تكون تلك المهنة من أصعب المهن ؟

في فترة ما عملت كمعلمة، الأمر كان مرهقًا جدًا والأكثر أن تكوني معلمة في مدرسة خاصًة يعني بأنكِ ستبذلين جهدًا أكبر ممن لو كُنتِ معلمة في المدارس الحكومية، فانا جربتُ الاثنتين، التجربتين كانت سيئة إلى حد ما.

في بلادنا لا أحد يقدر مهنة المعلم، لا أعلم حقًا لماذا ولكن يبدو أن أكثر مهنة يُمسح في الأرض إذا جاز لي التعبير في ذلك، هي مهنة المعلم أو المدرس.

أعود إلى سؤالكِ عزيزتي، هناك الكثير من المعلمين والمعلمات المفضلين لدي، ولكن كنت أفضل معلمين اللغة اللغة الإنجليزية، صراحًة كلهم كان مفضلين لدي بالطبع لا أنكر أنني أحترم معلمي المواد الأخرى، حتى أنني أذكر أن هناك معلم لغة عربية كان قد درسني في الاعدادية، يتعامل معنا برقي واحترام.

ولكن يبقى معلم أو معلمة نفضله، فمثلًا في الثانوية العامة، كانت لدينا معلمة اللغة الإنجليزية معلمة متميزة جدًا تقدر طلابها، تحاول أن تشجع الطلاب بكافة الوسائل التشجيعية وبشتى الطرق، أفضل ما يُميزها أن تتمتع بروح الدعابة، حتى أحيانًا كانت تغضب ومن ثم تعود تبتسم، زرعت فينا حب التعلم والمثابرة وعدم الإستسلام، صراحًة علا عدتِ بي إلى أيام الغوالي وأجمل أيام لن تتكرر في حياتي.

حقيقةً لا أراها من أصعب المهن، لكن يمكنني القول أنها من أكثر المهن أثرا، فالمعلم يلتقي بالطفل وهو بأكثر مراحل حياته تقبلا للتعلم والتغيير والتأثر، فالمعلم مربي قبل أن يكون معلما، ويؤسفني القول أن المعلمين اليوم لم يعودوا كما كانوا بأيامنا مثلا.

المعلم بأيامي كان يسعى لتقويمنا قبل تعليمنا، زرع القيم والمبادىء قبل زرع المعلومة والمناهج، اليوم الأمر أصبح أكثر سوءً ولا أدري ما هو السبب تحديدا.

التعليم مؤخرا أصبح تجارة بداية من المدارس الخاصة والتكاليف الباهظة والسبلايز، والدروس الخصوصية التي أصبحت سلوك أساسي وعام، التعليم أصبح عبئا وللمعلمين الحاليين دور بذلك، تخيلي طالب بالصف الابتدائي من المفترض أن معلمه بالمدرسة يكون كافيا له بالشرح ويساعده ويؤسسه كما فعلوا معنا معلمينا لكن للأسف التقصير هو السمة ليذهب الطفل للدروس الخصوصية، بصراحة المنظومة ككل تحتاج لإعادة هيكلة إدارية ومالية.

هل كان لديك من قبل معلم مفضل؟ بماذا يتميز هذا المعلم عن غيره وكيف أثرَّ عليك ؟

لدي أكثر من معلم وبكل مرحلة هناك من أثر وغير بي للأفضل وعلمني الكثير.

أنا خريج كلية العلوم جامعة القاهرة، وممّا لا شكّ فيه على هذا الأساس أنني أستطيع العمل كمعلم للمرحلة الثانوية، لكنني أتهرّب من تلك الحقيقة وحتى الآن مصرّ على قرار بعدم خوض تلك التجربة، فالأمر برمّته بشعرني بالقلق. عملية التعليم هي أحد أصعب المهن التي أراها في حياتي، فالمسؤولية العملاقة التي تقع على كاهل المعلم، والمجهود الذهني الجبار الذي يبذله في إيصال المعلومة لذلك العدد من الطلاب يشعرني بالرعب والإحباط من القدرة على ذلك.

أمّا بالنسبة للمعلمين الذين أثروا في فهنالك الكثير منهم، ويتميز المعلم الذي يؤثر فينا عادةً ببعض المميزات مثل خفة الظل، والثقافة الواسعة بعض الشيء، حيث أنه دائمًا ما تكون له خلفية معرفية جيدة، بالإضافة إلى سهولة إيصال المعلومة بسرعة والقدرة على ذلك مهما بلغ المنهج من صعوبة، بالإضافة إلى أنه دائمًا ما يكون جيدًا في تكوين علاقات شخصية مع الطلاب قائمة على الحب والاحترام المتبادل.

أنا دائماً اعتبر المعلم الشخص الثاني الذي يمكن أن يحل مكان الأب أو الأم، المعلم هو القدوة كل ما يقوله محسوب عليه، كل تصرف محسوب عليه، حتى لبسه محسوب عليه أيضًا، كونه موضع القدوة فإن هذا ما يصنف مهنته ضمن أصعب المهن حيث عليه أن يسعى المثالية بأي شكل كان

لم أكن أعطي اهتماماً لهذه الكلمات إلى أن جاء يوم افتقدنا فيه المعلم وأصبحت الآلات هي المعلم!

نعم، لا يقدر الشيء إلا فاقده أو من جربه، أو الاثنين معاً، فأنا الآن أعتبر نفسي الاثنين، فقدته وجربته، فهذه الوظيفة غير أنها مشرفة فهي صعبة جداً، والتقدير لهذه المهنة يتراجع يوماً بعد الآخر، حتى الطلاب بالمدارس لا يكنون للمعلم التبجيل الذي يستحقه ويعامله على أهوائه وهذا تحدي جديد للمعلم للأسف.

مرحبًا علا،

بمجرد أن قرأت المساهمة خطر في ذهني على الفور مسلسل "ضمير أبلة حكمت"، أتذكر من أحداث المسلسل مشهد لفاتن حمامة تُعنف فيه معلمًا كذب على زميلته ووعدها بالزواج دون أن يخبرها حقيقة أنه متزوج ولديه أطفال، بل ويغفل عن واجباته تجاه زوجته وأولاده، فرأت أنه غير مؤهل ليصبح معلمًا وأن فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف سيكون منظره أمام تلاميذه عندما يعلموا أنه يقوم بأفعال من المفترض أن ينهيهم عنها.

لست معلمة، ولكني دائمًا ما أراها واحدة من أصعب المهن، ولكن للأسف في بلادنا العربية لا نوفي هذه المهنة حقها.

التلاميذ يتأثرون بمعلمهم، فدائمًا ما تكون له بصمة يتركها في تلاميذه، حتى وإن كان بغير قصد، لذا عليه أن يكون قدوة حسنة لهم.

أما عن معلمي المفضل، ارى أنني كنت محظوظة كثيرًا بمعلمي الدراسات الاجتماعية والتاريخ لأعوام قليلة، كانوا متميزين حقًا، فكانوا سببًا هامًا لحبي للتاريخ وحصولي على درجات عالية فيه، وحتى الآن أحب هذا المجال بشدة وتستهويني قراءة كتب التاريخ، بل ومشاهدة المسلسلات التاريخية.

أتذكر أيضًا مواقف كان تستفزني بشدة لمعلم لغة فرنسية، كنت أرى فيها تمييز بين الذكور والإناث، وانحيازه الدائم للذكور، اعتقد أنه كان لا يفصل بين آراءه الشخصية وواجبه كمعلم عليه ألا يميز بين الجنسين.