شهود يهوه وحرية المعتقدات

11

التعليقات

وجدتَ مخرجاً من هذا الموقف الصعب بأن تجري له العملية وتنقل الدم إليه بطريقةٍ ما دون أن تخبر المريض ذلك، أو ضمنتَ أن المشفى قادر على حمايتك قانونياً وأنك لن تتعرض لأي مُسائلة، أي أصبحت حياة المريض بين يديك، فهل تُجري له العملية؟

كيف؟ الأوراق قانونيّة وموّقعة ولا يمكنك التحايل عليها فعليًا، لا أذكر حلقة د.هاوس، لكن منذ فترة قريبة قابلنا مريضًا من هذه الطائفة، وكان يُذكرني كلّ عشر دقائق بأنّه لا يريد نقل الدم. هو لم يحتج ذلك فعلًا، لكنّ أعتقد في حالة الحاجة لنقل الدم، يحاول الأطباء مناقشته ولكن لا يمكنهم أبدًا إجراء أيّ عمليّة بغير إرادته.

كذلك الأمر بالنسبة لمرضى الجلطات الدماغيّة، فكثير من المرضى هنا يوّقع أوراقًا بمقتضاها يرفض أيّ عمليّة تزيد فترة حياته بتدنيّ مستواها، وهنا يختلف الأمر، ويوجد مجال أكبر للمناقشة مع أهل المريض.

يستطيع أي مريض بكامل قواه العقلية أن يرفض أي تداخل طبيّ لأيّ سبب يريده، ويمكنني محاولة إقناعه، ولا يمكنني إجباره حتى عن إخباري بسبب عدم رغبته في نقل الدم.

جوابي هو نعم لأن الحرية له حدودها المريض لا يعلم مصلحتة

الإجابة بي لا أعتبر نفسي مذنب لأن لا حرية في هذا الموقف

لن أنقذ حياته ببساطة، فليمت في سبيل معتقداته.

إذاً لماذا جاء للمشفى !!

على أي حال لو كنت في ذلك الموقف لقمت بما يلزم للحفاظ على حياتة بما أنها مهمتي

لا أعتقد أن حظر الطائفة في روسيا له علاقة بنقل الدم، في الغالب الأمر له علاقة بالوطنية والثقة في الحكومة وJW لا يثقون بأي حكومة ولا يصوتون ويعتبرونها كلها معتدية ولا يمكنها الحكم بالعدل، بمن فيها الأمم المتحدة، لربما يكون للأمر علاقة بالإختلاف الجوهري ل JW عن بقية المسيحيين والتقسيم في المجتمع الذي ينتج عنه.

عن مسألة المريض وهذه الأشياء، لا يهمني صراحة، مهما أراد المريض فليقم به.

سأقوم بمداواته فقط ان ضمنت جانب المشاكل أمّا معتقداته ولأنها خاطئة مئة بالمئة فلا يهمني ماذا سيعتقد.. مثال على ذلك أي شخص غبي مثلا يعتقد أنه لو دخل السيروم لجسده سيموت هل يمنعني هذا من حقنه.. هي معتقداته في النهاية لكنها معتقدات غبية ولست ملزم باحترامها خصوصا ان كانت المسألة حياة أو موت.

احترام المعتقد مختلف عن التصديق به.

يمكنني احترام معتقد المسلمين واليهود بحرمانيّة أكل لحم الخنزير مثلًا، ولن أجبرهم على تناوله، أو أكذب عليهم باحتواء الطعام عليه، على سبيل المثال.

ليست كل العقائد محترمة

انا مع حظر العقائد التي تدعو بشكل مباشر على العنف او تجعل اتباعها يعادون المجتمع

لا توجد حرية مطلقة

هنــاك فرق بسيــط بين إحتــرام حريـّـة المعتقــد، وإحتــرام المعتقــد ذاتــه. فإحتــرام المعتقــدات أشبــه بالمجاملــة الغيــر واقعيـــة. فعنــدما يعتقــد شخصــاً مــا أن في الفــضاء حقيبــة بلاستيكيـــة تعــي ذاتهــا وتقرر مصائرنــا مثــلاً، فلســت مجبــراً على إحتــرام تلك الفكـــرة، لكنــّي كمهتــم بكونــه يحتــرم حريّتــي ولا يتعــدّا عليهــا، أعاملــه بالمثــل وأحتــرم حريـّــة إختيــاره ولا أتعــدّا عليهــا أيضــاً. لكــن إحتـرامي لمعتقــدة يعــود إليّ وليــس ذلك يناقــض إحتـرام الحريّات العقائديــة.

بختـصار، أحتـرامي لـ حريــّـة إختيارك لمعتقـــدك، واجبــة علــي طالمــا أردت أن تحتــرم حريّتي بالإعتقــاد. وهــذا يندرج تحــت إحترام الحريـّـات بشكل عــام.

لكــن إحترامي لمعتقــــدك بحــد ذاته، ليــس واجبــاً، فأنــا لا أحتــرم الحـدود التي يفرضهــا عليّ معتقــدك وأتعــداها طالما كنت غيــر مؤمناً بهـــا.

فــي الموقــف الذي ذكرتــه، عمـل الطبيــب، هــو إنقــاذ المريــض بمــا يتوفــر لديــه من طرائـق وأدوات علميـّــة. والطبيــب كباقي البشــر، ليس عليــه إحتـرام معتقـــدك، ولا تستطيــع إجبــاره على ذلــك في مكـان يضمـن الحريـّـات العقائديـــة. فإن كنـــت تؤمــن بمـا لا يتوافــق مع مبادئ المراكــز الطبيــّـة، إبحــث عن بــديل يتوافــق مع ما تعتقــــد. فــلا تذهــب إلى مركــز طبــّـي لتشــرح له عقيــدك وتطــلب منه أن يتّبعهــا معــك.

وبالنسبــة للطبيــب لا يستطيــع إجــراء أي عمليــّـة بلا توقــيع المريــض أو توقيــع المســؤول الموكـّـل عنــه. لو كنــت أنا الطبيـــب، سوف أتـــّبع القوانيــن في مثــل هذا الشــأن في حــال وجــود قوانيــن، وسوف أرجــّـح إجراء العمليـــّـة إذا كان المريــض طفــلاً لايفقــه خرافات المعتقــدات.

داعش تقتل أيضا" من باب المعتقد, هل هذا يشرعن يقتلها ؟

قتلك لنفسك كقتلك لغيرك, بطريقة مباشرة أو غير مباشرة, عليك كطبيب أن تضرب بالمعتقد الذي يؤدي لقتل صاحبه عرض الحائط

لا تنسى أنك تتحدث عن مهنة هدفها الحفاظ على حياة الآخرين بغض النظر عن إرادتهم

وددت لو أن هنالك تفاصيل أكثر، لذا سأضع حالتي الخاصة التي تكن فيها التفاصيل واضحة، وصححلي إذا أسأت فهم الحالة.

أنا طبيب أعمل في مشفى، الحالة 1: جاءني مريض من شهود يهوه يحتاج لنقل دم سريع ولكنني لا أعرف ماذا يعني الأمر أصلًأ وهكذا سأقوم بالعملية لأنه لم يوقع ويطالبني بعدم القيام بالعملية لأن حالته لا تسمح بذلك، الحالة 2: جاءني نفس المريض ولكن هذه المرة أنا أعرف أنه من شهود يهوه ولكنه لم يوقع على شيء ليمنعني من نقل الدم له، وبالتالي من واجبي كطبيب إنقاذ حياته لأن هذه مهنتي ولأنه لم يخبرني بشيء، وأيضًا لأنه بحق الجحيم لا يمكنني التأكد من المعلومات التي لدي مهما حدث طالما لم يخبرني هو مباشرة بذلك ويوقع على ذلك، فقد يود الرجوع في آخر حياته عن هذه الطائفة لينقذ نفسه، الحالة 3: جاءني نفس المريض المعتاد ولكن هذه المرة وقع على عريضة يطالب المستشفى بألا تجري له عملية نقل الدم، حسنًا هو حر في جسده ولا يمكنني التعدي على حريته، ليذهب للجحيم بسلام، وليس علي أي مسئولية أخلاقية لأنني أفعل ما أقدر عليه دون تخطي القواعد الأخلاقية الأخرى لدي، الحالة 4: جاءني البيا..المريض نفسه، أو بالأصح وجدته على الأرض أمام المستشفى بعد إطلاق عشر رصاصات عليه، أخبرني ألا أنقل له الدم، سآخذه للمستشفى لأنه في هذه الحالة لا يمكنني التأكد إذا ما كان في وعيه أصلًأ وأن هذا الكلام نفسه كان ليقوله، وأيضًا التعهدات الشفوية لا قيمة لها عندي كطبيب، أنا أعمل في مشفى ستكلفني بعملية نقل الدم له، ليس ذنبي، ولا ذنب المشفى، هو من وافق على أن يعيش في دولة بها هذه القوانين، إن كنت ستلقي اللوم على أحدهم، فيمكنه إلقاءه على الدولة التي لا تسمح له بالعيش خارج قوانينها، أو يمكنه ببساطة الإنتقال للعيش في الصحراء ولينزف فلن يهتم أحد على هذا الكوكب بوجوده غير أصدقاءه.

هل المريض يرفض ذلك بمعنى أنه وقع على طلب من المستشفى بعدم نقل الدم له؟ لو فعل سأعيد له ماله وأدعه يذهب بسلام، له الحرية بالضبط مثل الناس الذين ينتحرون، لا يمكننا منعهم من إنهاء حياتهم إلا بالحوار والنقاش أو إذا كنا نظن أن لنا وصاية عليهم فيمكننا منعهم جسديًا وسيكون الامر أخلاقي بالنسبة لنا، لا أعتقد أن لي وصاية على هذا المريض بأي شكل من الأشكال، وعلى إحترام حريته مثلما أطلب من اي احد ان يحترم الا يجبرني على أكل لحم الخنزير مثلًا، المشكلة أن هذه المعضلة لا وجود سابق لها في ديني، فديني يعطيني مبدأ أن الضرورات قد تبيح المحظورات، فلو قاربت مثلًا على الموت وليس أمامي سوى لحم الخنزير فيمكنني تناوله، ولكن المشكلة أن أحدًا لا يعرف ما مدى قانون "الضرورات تبيح المحظورات" والأمر يتوقف على تفقه كل واحد، فلا أعرف إذا كان أحدهم قرر مثلًا أن يتاح لي أكل لحم البشر إن لم يوجد غيره والإنسان أمامي ميت أصلًا -ذكرت موته حتى أسهل الأمر قليلًا-.

أنت طبيب تعمل في مشفى، وأتاك شخص من أتباع طائفة شهود يهوه مصاب بمرضِ ما، وبعد تشخيصه عرفنا أنه قطعاً بحاجة لإجراء عملية ما له حتى يتم شفاؤه، غير أن هذه العملية تتطلب نقلاً للدم والمريض سيموت إن لم تُجرى له العملية، المريض تبعاً لمعتقداته راضٍ تماماً بأن يتحمل عواقب معتقداته، ومُوقّع على ورقة تُخلي المشفى والطبيب من أي مساءلة قانونية، بإعتبار أن هذا الإختيار قرار شخصي له وإن أجريتَ له العملية رغماً عنه فأنت من سيتعرض للمساءلة القانونية، أنت كطبيب لا تقتنع بمعتقدات هذه الطائفة ووجدتَ مخرجاً من هذا الموقف الصعب بأن تجري له العملية وتنقل الدم إليه بطريقةٍ ما دون أن تخبر المريض ذلك، أو ضمنتَ أن المشفى قادر على حمايتك قانونياً وأنك لن تتعرض لأي مُسائلة، أي أصبحت حياة المريض بين يديك، فهل تُجري له العملية؟

سأجيبك بمنطقية، أنا أحترم معتقده جداً، ولكن إن كانت حياته على المحك ولا يوجد بديل عن نقل الدم له (بمعنى إما نقل الدم أو موته لا محالة) يعني لا بديل طبي، فسأجري عملية نقل الدم، وربما دون علمه ودون علم أحد فحسب معتقدي أن كان في يدي فرصة لإنقاذ حياة شخص ما ولا يوجد غيري فعلي إنقاذه وإلا أكون مذنباً،

ولكن إن كان هناك البديل لذلك فسأفعل ذلك البديل.

وهل ستستغرب حينها إن عاملك طبيب آخر أيضاً وُفقاً لمعتقداته؟ وهل لديك حق بالإعتراض حينها؟ مثلاً يوجد أم حامل والجنين يشكل تهديداً لحياتها، لكنها مصرّة على الإنجاب رغم ذلك، وأنا كطبيب لا أقبل بهذا، فإن استطعت إجراء عملية الإجهاض للأم دون موافقتها، هل يختلف هذا عن فعلك عندما قبلت بإجراء العملية للمريض المسيحي؟

إن كان لا مجال للعلاج، وإما أن تموت وتنجب أو تجهض وتحيا، فلن أتضايق ولن أعترض بل سأكون فرحاً لذلك.

وإن كان المريض أمّاً أو أباً معيلاً لعائلته هل ترضى بأن تدعه يموت وتبقي عائلته من دون معيل احتراماً لرغبته، رغم قدرتك على إجراء العملية دون التعرّض للمساءلة؟

هذه أشد وطأة لجعلي أجري له العملية، حتى وإن كان هناك بديل ولكن سيجعله يعاني فحينها سأقوم بنقل الدم له حتى لا يعاني.


ثقافة

مجتمع لمناقشة المواضيع الثقافية، الفكرية، والاجتماعية بموضوعية وعقلانية. ناقش وتبادل المعرفة والأفكار حول الأدب، الفنون، الموسيقى، والعادات.

99.6 ألف متابع