كتابتي لهذا الموضوع في وجهة نظري يقربني الى رؤيتي، وهي الاستفادة الجماعية من النقاشات. ليست نصيحة من متعلم الى جاهل، او كبير الى صغير، أنما اريد مشاركة وجهات نظري معكم حول نقاشات سابقة واكتشاف اخطاء وجهة نظري، وتصحيحها والبحث في امكانية الاستفادة منها.

أقصد في ضاهرة التشدد، ليس التشدد الديني أنما التشدد في المعلومات والمفاهيم بشكل عام الذي يعتبرها الشخص حقائق مطلقة. وأنا لا أعيب في هذا المقال الايمان في الحقائق المطلقة التي لدى كل شخص او بعض الاشخاص، بل أعيب التشدد بها، الغضب والكراهية التي تنشأ عند نقاشها. رغم أني كتبت كثيراً عن ذلك خصوصاً هنا ،والآن أناقشكم نفس الموضوع مجدداً للإستفادة.

هناك مقالات وكتب كثيرة، تتحدث عن النقاش الحضاري. وأنا مؤمن أن الأغلبية إن لم يكن الكل هنا يعرف يكتب مقال عن النقاش الحضاري وكيفية الاستفادة من النقاش. ولكن ليس كلنا نطبّق تلك المفاهيم التي نؤمن بها ونتحدث عنها، إذاً هناك مشكلة، وبحسب مجهود شخصي وأتجاه فكري شخصي حاولت تحليل تلك المشكلة وإقتراح حل يجعل النقاشات اكثر فائدة، وصراحة، وحضارة تبني حضارة فكرية.

وليست الجدالات التي تلبس ثياب النقاشات موجودة فقط في حسوب I/O، إنما في كل مجتمع، في كل موقع نقاشات، في كل جزء من اجزاء العالم، وأنا أعلم أن محاولتي تلك مهما كانت لن تحل المشكلة، أنما بقدر الامكان تقلصها على أن لا تكون ضاهرة هنا. فهي تسببت بطرد أناساً لهم اثاراً ايجابية واضحة. وتخلّي آخرين من المجتمع كذلك. انا لا اصحح تصرفاتهم أو ألوم غيرهم بشأنهم، إنما أستنكر أسباب الخلافات بشكل عام.

حسب تحليلي الشخصي، أهم أسباب تلك الجدالات هو الفارق الفكري الذي يعتقده الشخص بينه وبين الآخرين. وهذه الحالة تتشكل عند الشخص بعد تعلمه شيئاً جديداً يعتقد أنه يصحح مفاهيمه السابقة التي يعتقد مؤخراً انه كان جاهلاً بسببها وبتلك المفاهيم الجديدة يريد محاربة المفاهيم القديمة بينه وبين ذاته. فحينما يناقش آخرون يقتنعون بمفاهيمه السابقة قبل التجديد، يعتقد أنهم النسخة القديمة من تفكيره الذي تطوّر منذ زمن. بكلمات أخرى، كما أن كثيراً من المطورين ينزعجون إذا أجبروا على استخدام Windows XP لأنهم يريدون التقدم الى الأمام، والعمل على الحاضر للمستقبل، يحدث عند بعض الاشخاص انزعاجاً مثل ذلك تماماً حينما يُنَاقَشون بأفكارهم ومفاهيمهم القديمة التي تشكل لهم عملية الرجوع الى الخلف ويبالغ بإيمانه ويتهم أصحاب تلك الافكار القديمة -بالنسبة له- بأنهم هم سبب التخلف المجتمعي لذا لايكتفي بالانزعاج من الافكار والمفاهيم فحسب، بل ينزعج ايضاً من اصحابها.

ومن نقطة إتهام الآخرين بأنهم سبب التخلف المجتمعي، يأتي السبب الآخر للجدالات وهو السيطرة على قناعات الآخرين. ينتج من هذا جدال، إذا لم ينتهي النقاش بنقطة توافق بين أطرافه. حينما يعتقد الشخص، أن قناعات مخالفيه، لها أثر سلبي بالمجتمع ومخالفيه يعملون على نشرها وإقناع الغير بها، ومن هذه النقطة تحديداً، تبداء الكراهية بين طرفيّ النقاش، ولا يتحول النقاش الى نقاش معرفي أكثر من كونه نقاش جدلي لامعرفي يتبادل أطرافه النعت والقاء التهم بعضهم بعضاً (الشخصنة). وتكبر دائرة الكراهية وتصل احيانا الى إنكار الذات.

الحلول الفردية، أكثر بنظري تأثيراً، من الحلول المجتمعية لذا فكرت في حلول فردية، أتعامل بها مع نفسي، وأعرضها عليكم. فالحل الأول والأهم المرونة. قابليّة الطرف الآخر، وتقدير أجتهاد الطرف الآخر بالتفكير والاستنتاج. فنحن نختلف تماماً بطرق تفكيرنا ونختلف ايضاً بالاسباب التي تجعلنا مقتنعين بمفهوم معين، او طرده من قناعاتنا. الأشخاص من اللأطراف أنفسهم ليسم بذنوب حتى تمد حبال الكراهية بينهم. وليس الإنسان معصوماً عن أي خطأ سواء تصرف، توجه فكري أم قناعة. فالمطور المحترف، سوف يبدع بالتطوير سواء على منصة قديمة أو حديثة، والمحاور الرائع، سوف يناقش الافكار القديمة كما يناقش الجديدة بلا تذمّر ونعت وشخصنة للطرف الاخر وللاشخاص الذي يستند الطرف الاخر على علمهم.

رسالة مني ومن الجميع، إليَّ وإلى الجميع، نحن مختلفون، الاختلافات التي بيننا لاتعدد اصنافها! ولا تعدد مكونات اصنافها. عقائدية، فكريه، نشؤويّة .. الخ. دعونا لا نسبب خلاف بسبب اختلاف. دعونا نكتب كلاماً نكتبه لئلا نخجل منه غداً. لا أحد مسؤولاً عن الآخر او وصياً عليه وعلى تشكيل تفكيره وقناعاته.

دمتم بمودة ليست لأحداً دون أحد،

راشد المري

سابقاً كتبت بهذا الشأن: هل يجب أن يخلق الاختلاف خلاف! ؟

حينما يتحول النقاش الى حرب - ناقشني اذا كنت شجاعاً بما فيه الكفاية.

أنت مخطئ لاتستحق العيش

http://rashidf.com/%D8%A3%D...

سحقاً، كيف أشرح لهؤلاء الجهلة ؟