لماذا حين تمسك المرأة بزمام حياتها، وتقرر أن تكون واثقة، مكتفية، حرة، تُوصف فورًا بأنها “تفرعنت”؟ لماذا لا يُحتفى بها كما يُحتفى بالرجل الذي يفرض وجوده؟فحين يُسيطر ويقسو يُقال عنه قوي الشخصية، رجل يعتمد عليه، يعرف قيمته، أما المرأة حين ترفض الخضوع، وتقول لا للتبعية والتعنيف والاستغلال، تُصبح في عين المجتمع متغطرسة، مغرورة، مسترجلة وفاقدة للأنوثة، بل وفرعونة!
وحتى على فرض ان فعلا بعض النساء تتفرعن وتتجبرن ( مثل أولئك اللواتي يٌعنفن أزواجهن أو اللواتي يتجهن للخيانة والعصيان) وهذا قليل جدا ... المشكلة أن لا أحد يسأل لماذا تصبح بعض النساء هكذا بعد أن تتمكن مادياً ونفسياً؟
ألا يعكس الانقلاب عند بعض النساء، ضغينة وحقد دفين على الذكورة نتيجة الاضطهاد الذي مارسه الرجل عليها منذ قرون طويلة، ناهيك عن بعض النساء عانت من اضطهاد أكثر من غيرها، فمثلا المرأة التي تربت في بيت متوازن يحترمها فيه الرجل سواء كان أخوها أو أبوها عندما تعمل وتستقل وتتمكن ، تصبح متعاطفه ومساعدة ومشاركة ولا تصبح متفرعنة كما يقال، بل على العكس، تصبح كمايقال " أخت رجال" تدعم الرجل وتحتضنه وتقويه، معنى ذلك أن المتفرعنة هي اصلا ضحية.
من جهة أخرى نستطيع أن نرى في المجتمع كيف يمكن للمرأة أن تتحول إلى وحش - ظاهرياً- غصباً عنها، عندما يتم ابتزازها عاطفياً وخدش أنوثتها، من خلال تلك الكلمات الغبية مثل " مسترجلة، عيشة راجل، مفرعنه،" فتجد المرأة نفسها في وضع دفاعي لا شعورياً ملزمة بتقمص الدور حماية لنفسها من الانتهاك، فتمثيل البرود والقسوة وعد الاهتمام والذي مع الأسف إذا استمر فعلا يمكن أن يتحول إلى حقيقة وليس مجرد تمثيل .
طبعاً وحتى لا تتفرعن المرأة مثل ما يقولون، يسعى أغلب الرجال طمس المرأة، وكسر جناحها، معتبرين أن أي مدخل مالي للمرأة يمكن أن يشكل خطراً على رجولتهم، لذلك بعضهم سيحرمها من العمل، وبعضهم الأخر يأخذ ورثة أبيها، بعضهم سيقبل عملها لكن بشروط قاهرة، حتى يجعلها تشعر بالذل والتقييد فتبقى دائما في خوف من ردة فعله وخوف من أن يحرمها من العمل، بعض الرجال، يقرر أن ينتفع منها مادياً ويدعمها للعمل ظاهريا فقط، لكن يلزمها بالانفاق على البيت أو أن يطالبها بأن تعطيه راتبها أول بأول ...الخ من الحالات التي لا تنتهي.
التعليقات