لفتني كلام لنوال السعداوي مرة، أنها قالت أن المرأة المعنفة هي من ترضى ذلك على نفسها فهي تستاهل، لانها سمحت أن تصل الى هذا الحد من الأذية، لكن واقع تعنيف المرأة جد معقد، إذ أن ملايين النساء يُعنفن لا بسبب ضعفهن أو رضوخهن أو لأنهن غير مستقلات مادياً ونفسياً ، بل لأن ظروفها لا تسمح بالترك، فهل فعلا المرأة المعنفة ضحية أم تستاهل؟

شخصياً لست مع كلام نوال السعداوي ليس لأنه صادم ويتعارض مع الواقع أحياناً، و لكن لأنه يفتح جرحًا حقيقيًا عميقاً جداً في حياة المرأة دون أن يقدم أي حلول فعلية غير السخرية بل ويفترض بأن المرأة المعنّفة شريكة في أذاها لأنها لم تغادر، لكن الواقع أعقد من أي حُكم أخلاقي للحقيقة فهناك نساء تُعنف لأن المجتمع لم يعطيهن خيارً أخر، لأن القانون لا يحميهن، لأن بيت الأهل ليس ملاذًا إذ لا تٌبل المطلقة بعد عودتها إلى بيت أهلها ولا تعامل معاملة إنسانية، والأسوء من هذا كله هو لأن الخوف من الفضيحة أقوى من الرغبة في النجاة، وليس بالضرورة الخوف على نفسها، أحياناً يكون الخوف من خسارة الأبناء، أو السمعة، أو العمل والأهل، فكثيرات يعلمن أن الرحيل مكلف أكثر من البقاء وأن الطلاق ليس حلاً في بعض الحالات، وأن الحرية في مجتمعاتنا ليست دائمًا خيارًا متاحًا.

المعنّفة ليست دائمًا ضعيفة، أحيانًا هي فقط محاصَرة من كل الجهات، من أب تحبه ولا تريد خسارته، من زوج تقره فتصبر عليه، تخاف على بيت يُهد وأولاد تُشرد.