في أحد الأحياء القديمة، عاش سامر مع والدته في بيت صغير من الطوب. كان عمره 12 سنة، لكنه يحمل همّ رجلٍ كبير. يستيقظ قبل الفجر، يجمع البلاستيك والعلب الفارغة من الشوارع، ويبيعها ليشتري به بعض الخبز وحليبًا لأمه المريضة.

في يومٍ بارد من أيام الشتاء، مرّ سامر أمام فرن تفوح منه رائحة الخبز الطازج. وقف هناك لحظة، يتنفس تلك الرائحة وكأنها وجبة كاملة. لم يكن يملك سوى ليرة واحدة. مدّها للخباز وسأله بخجل:

"عمو، فيني آخد رغيف؟"

نظر إليه الخباز، ثم إلى يده المتشققة من البرد، ووجهه الشاحب، فأعطاه ثلاثة أرغفة... دون أن يأخذ منه شيئًا.

شكر سامر الرجل ومضى، وفي عينيه دمعة... ليست من البرد، بل من مزيج الجوع والكرامة، ومن إحساسه أن العالم، رغم قسوته، لا يزال فيه قلوب دافئة.