حين يتحول الحرص إلى عبء… كيف نكسر دائرة الضغط بين الآباء والأبناء؟

التوازن يأتي من إعطاء مساحة آمنة للطفل ليجرب ويخطيء ويتعلم، ففي أوقات كثيرة نتناقش حول امر معين، وتكون ابنتي متمسكة به، وأدرك أنه خطأ، ولكن بنفس الوقت لا تقتنع، وأنا متأكدة أن لن يكون هناك ضرر كبير إن تركتها تجرب، اتركها، ومن ثم تعود لي وتقول معك حق أمي كلامك كان صائبا، تكرر هذا الأمر والنتيجة الآن أنها تأتي وتحكي لي لتسمع لرأيي، لأنها أدركت عمليا أنها يمكن أن تستفيد من رأيي.

لذا بناء الحوار مهم جدا وفعال في تحقيق هذا التوازن، وارد طبعا يكون هناك أوقات فيها شد وجذب وقسوة أحيانا، لكن السائد بالعلاقة هو الحوار وابداء الرأي، خاصة أني عودتها على أن يكون لها رأي منذ صغرها وأخذه بالاعتبار، وأحيانا أجد برأيها وجهة نظر تحترم وتأخذ بالاعتبار.

فيكون هناك ثقة بين الطرفين وبنفس الوقت حرص مني لأراقب من بعيد وأتدخل وقت الحاجة.

للأسف هناك الكثير من الآباء والأمهات الذين يتعاملون مع الأبناء على أنهم أطفال مهما كبروا وربما يكون الدافع لديهم هو الحب وأحيانًا عدم الثقة لكن ما لا يدركه هؤلاء أن الحماية الزائدة تُدمر الأبناء وتفقدهم ثقتهم في نفسهم كما أنها تجعلهم لا يجيدون التصرف في المواقف المختلفة لأنهم تعودوا أن هناك من يتصرف دائمًا بالنيابة عنهم، وهناك بالفعل من يتوه ولا يعرف كيف يعيش إذا ابتعد عن والديه أو ماتوا، ربما إذا أوضحت كل هذه الآثار السلبية للأب سوف يقتنع وربما يخاف مما يمكن أن يحدث لابنه بعد وفاته فهو بالتأكيد لن يعيش للأبد ولن يكون موجودًا دائمًا لحمايته فالأفضل تعليم الابن كيف يتصرف وتركه والثقة به.

كان عندي صديق تضيق والدته عليه بدافع الحماية الزائدة وأرى تأثير ذلك كان سلبي جداً عليه، فكانت تتصل به في كل وقت إذا تأخر، وكانت لا تعطيه أي مهام صعبة وتقوم بكل شيء بنفسها، وحدثت نتيجة ذلك مشاكل كثيرة بينه وبينها عندما كبر وأدرك مدى سلبية ما تفعله معه.

هناك أناس قج بلغوا وتزوجوا وأنجبوا وهم بعدُ أطفال أي أطفال نفسيًا فلم ينضجوا ولم يعرفوا كيف يربوا أطفالاً ليخرجوا جيلاً سليمًا غير معقد. ولذا، الإنسان بصير لما لديه ويجب أن يقرر ما إذا كان مستعدًا لإنجاب إنسان مثله يتحمل مسئولية تنشاته نشأة سليمة أم لا! العمر هنا لا يفرق فقد يكون ابن العشرين انضج في تربية أطفاله من ابن الأربعين.