أصحاب القلوب الطيبة، الذين يقدمون الخير بلا مقابل مادي، غايتهم أخلاقية تسمو عن كل رذيلة. ومع ذلك، قد نقابلهم بدل الشكر بالأذى والتشويه، وبدل الامتنان بالاتهام.

وهذا السلوك قد يجد تفسيره في أبعاد نفسية وثقافية متعددة.

من الناحية النفسية، قد تكون الغيرة دافعًا خفيًا وراء سوء التصرف، إذ يصعب على بعض النفوس أن ترى من يعلو عليها في كرم العطاء أو صفاء النية.

كما أن الإسقاط النفسي يلعب دورًا مهمًا، فالبعض لا يتصور وجود خدمة نقية من المصالح، فيسقط ظنونه الخاصة على الآخرين.

ويضاف إلى ذلك سوء الظن وضعف الثقة، حيث تأتي أوقات يسقط فيها بعض الناس في دائرة الشك، فيفسرون الأفعال الطيبة بما يوافق قلقهم الداخلي.

وأحيانًا نكون عاجزين عن مقابلة المعروف بمثله، إذ يلجأ البعض إلى التقليل من شأن الخير بدلاً من الاعتراف بالتقصير.

أما من الناحية الثقافية والاجتماعية، فإن المجتمعات التي تقوم على تبادل المصالح ترى في العطاء المجاني أمرًا غير مألوف، مما يثير الشكوك حول نوايا أصحابه.

كما أن التجارب السلبية المتراكمة مع أشخاص استغلوا الخدمات لمآرب خفية تجعل الناس أكثر حذرا قد يتبعه خوف ومرض.

وإلى جانب ذلك، فإن ضعف ثقافة التطوع، وغياب التقدير لمفهوم العطاء بلا مقابل، يزيدان من مساحة الأذى بدلاً من الامتنان والشكر.

وفي الختام يبقى التساؤل مطروحًا:

هل هناك أسباب أخرى تدفع الناس أن يتضايقوا ممن يخدمهم بلا مقابل؟

وما مدى صحة المثل القائل: "من خدم الناس بلاش اتهموه بالسرقة"؟