سئل الأمام أحمد بن حنبل :
كيف السبيل إلى السلامة من الناس ؟
فأجاب: تعطيهم ولا تاخذ منهم،
يؤذونك ولا تؤذهم،
تقضي مصالحهم ولا تكلفهم باقضاء مصالحك ،
فقيل له: صعبة يا إمام؟
قال: وليتك تسلم!
ما أجمل هذه الحكمة من الإمام أحمد بن حنبل! إنها تلخص جوهر التعامل مع الناس بروح نقية وصافية. السعي للسلامة من الناس يتطلب تسامحًا كبيرًا، وعطاء بلا انتظار مقابل، وتحمل للأذى دون الرد بالمثل. نعم، قد تبدو صعبة، لكن حقيقتها تكمن في الإيثار والنية الطيبة، وهي سبيل للوصول إلى السلام الداخلي والسكينة. حقًا، من يتبع هذه النصيحة يضمن السلامة في قلبه وفي علاقاته مع الآخرين.
ولكن كيف السبيل لهذا ؟
وعطاء بلا انتظار مقابل، وتحمل للأذى دون الرد بالمثل
وهي سبيل للوصول إلى السلام الداخلي والسكينة.
حتى لو قولنا أن العطاء دون انتظار مقابل هو وسيلة للتخلي والراحة النفسية، ولكن إذا زاد عن الحدود، بمعنى وضع أولويات الغير عن النفس لدرجة الإحباط وإرضاء الغير، فهذا نتيجته تراكمات تنتهي بكره العطاء نفسه. أما تحمل الأذى دون الرد بالمثل، أتفق أن من الحكمة اختيار رد الفعل المناسب للحدث، لكن عدم مواجهة الشخص المؤذي -حتى لو بحكمة- معناه تنازل عن الحق والسلامة النفسية والشخصية، وبالتالي سهولة الاستغلال من الجميع.
أقصر طريق للسلامة من الناس، هو إعتزالهم برأيي.. ومع تقديري الكامل لنصيحة الإمام، لكني لست مضطرة لتحمل أذى الآخرين، والصبر عليه دون تحريك ساكن.. كذلك لست مستعدة لخدمة من لا يرغبون بخدمتي... ولذلك أفضل التعامل فقط، مع من أشعر معهم بالسلام المتبادل، دون مجهود وحسابات.. فأنا مقتنعة جدا بأن "الوحدة خير من جليس السوء"
الحديث عن العطاء دون انتظار مقابل وتحمل الأذى دون رد والسعي لقضاء حاجات الآخرين دون طلب المساعدة .. أمراً يبدو مثاليًا و يتطلب قوة نفسية هائلة. فليس الجميع قادرين على ممارسة هذا المستوى من الإحسان دون أن يشعروا بالإرهاق أو الاستغلال.
ربما تكمن الحكمة هنا في أن السلامة من الناس لا تعني الراحة التامة بل تعني تجنب الصراعات والمشاحنات التي قد تنشأ عند التوقعات المتبادلة. بمعنى التحرر من الحاجة إلى مقابل..
ولله لو رجعنا لحال السلف في المعاملات لتمكننا من حماية أنفسنا من كل شر سواء شر الخلق أو شر الدنيا، كان عند السلف والقدامى العرب يلقى الأخ أخاه بعد غياب عام مثلاً فيكون السوال هو كيف حالك فقط ؟ أما الآن نريد أن نعرف حاله وماله وأين كان وإلى أين سيذهب وكأننا نحقق معه، كانوا قديمًا ينظرون مصائب الغير للعبرة بينما ننظرها للتشفي وللحديث وللنشر و.....
برأيي لو تركنا الخلق للخالق لكان ذلك كفاية من شرورهم وسلامة لأنفسنا من كل سوء
لكن هناك قرارات ليس بها مخاطر على الإطلاق وهنا لن تنفع هذه الطريقة، غير أن التفكير في المخاطر قد يعد بمثابة سجن نضع به أنفسنا فلا نتقدم ولا نجرؤ على الحياة.
عن نفسي أرى أن في مبدأ المنفعة حل مثالي لاتخاذ القرارات، حيث يمكن هنا أن نقارن النفع بالضرر في حالة وجوده أو نقارن النفع بالنفع في حالة كانت القرارات المفاضل بينها ليس بها ضرر.
بشكل عام أنا قد لا أميل أيضاً للتخطيط الكامل لأنه بطريقة ما ستعبث المؤثرات بما نخطط له وغالباً ما يحدث خلل في التوقعات لهذا لا أميل للتخطيط
التعليقات