السعي القهري لإثبات الذات: تقدير عالي أم قلة ثقة في النفس في رأيك ؟

لكن هل الحياة فعلا قائمة على الحياة والسعي يا إسراء ؟ بمعنى أدق كي لا يُفهم كلامي خطأ، هل الإنسان مصمم لتحمل هذه الغاية الكبيرة والحمل الثقيل دائما؟ وهل كل الناس أصلا يريدون ذلك أو مؤهيلن له؟

حسب الدراسات النفسية والأنثروبولوجية ، الإنسان لم يُهيأ لكي يتحمل كل هذا الضغط أو السعي الشرس هذا نحو النجاح وإثبات الذات، فالأنسان مصمم نفسيا وبيولوجيا لجعل النسل البشري يستمر، لذلك هو كائن بسيط كغيره من المخلوقات ، وجد ليأكل ويشرب ويمارس الجنس حتى تستمر ذريته، (وأجدد هذا ليس كلامي فقط بل هو كلام المختصين في البيولوجيا والأنثروبولوجيا وعلم النفس وغيرها) .

كل هذه الأمور مستحدثة مازال الجسم البشري والنفسية البشرية لم تتطور بنفس القدر الذي تطورت فيها رغبتنا في النجاح والوصول كما تفضلت، وهذا هو سبب معاناة الإنسان الحديث وسبب تفشي ظواهر مثل الانتحار و الاحتراق الوظيفي والأزمات النفسية وغيرها.

صحيح أن الأنترنت عمق هذه المشكلة بشكل كبير وأضاء عليها بشكل مبالغ فيه حد الهوس، لكن هذا لا ينفي وجودها في الواقع حتى بعيداً عن الأنترنت، في النهاية الأنترنت لم يفعل شيء سوى أنه فضح سرائرنا ومخاوفنا وعرانا من كل الأقنعة التي كنتا نختبئ منها.

لاحظت وأنا أقر لبعض مفكري المفضلين عندما يُسألون عن سبب أبداعهم الكبير، فتكون الإجابة متقاربة، وهي أنهم يريدون إثبات أنفسهم لأنفسهم، وهذا ما جعلني أفكل في الأمر مليا، مع العلم أنهم أبعد ما يكون عن الأنترنت وتأثيره.