أنتشر في السنوات الأخيرة مصطلح اللجان الإلكترونية وهو مفهوم لدي الغالبية منا وهي مجموعات منظمة من الحسابات الوهمية أو الموجهة والمأجورة على وسائل التواصل الاجتماعي تُستخدم لنشر معلومات مضللة أو الترويج لأجندات بطرق غير أخلاقية، مما يؤثر على الرأي العام. على سبيل المثال الدعوة لمرشح سياسي أو حملة ترويج لمنتج بتقييمات إيجابية مبالغ فيها أو حملة الدعاية لفنان بعينه أو حملة التشويه لفنان بعينه، لخلق حالة كاذبة من النجاح والانتشار أو التوجيه لسلوك غاضب (غير حقيقي) والأمثلة لا حصر لها في كل المجالات تقريباً ، فتجد مثلاً ممثل أو مطرب معين بمجرد ما أن يهبط كليب له حتى تنتشر حوله عاصفة شعبية مبالغ فيها ، وتلاحظ بشكل أو بآخر تكرار جمل محددة في حسابات وصفحات مختلفة ، وتجد تهليل مبالغ فيه مثلاً لـ (تامر حسني) أو (عمرو دياب) ، وأنا هنا لا أشكك في موهبتهم ، أنا فقط أشير لحالات متكررة تصاحب تلك الأمثلة البسيطة (مع وجود مئات الأمثلة الأخرى لهم ولغيرهم) ، وربما تظن أنني أبالغ ولكنها بحقيقة الأمر تحدث شئت أم أبيت ، وعادتاً ما تستخدم اللجان الإلكترونية لهندسة رد فعل شعبي غير حقيقي أو توجيه الناس العادية لانتهاج هذا النهج من خلال الأكاذيب فتجد أن مئات الأشخاص يصفوا خجمة معينة بأنها الأفضل أو فندق معين أو مطرب معين ...... أو مرشح معين (لا يهم) المشكلة الأهم هي أن يكون رأي متوافق مع رأي للجان الإلكترونية فهل هذا يعني أن رأيك صحيح أم خطأ؟
ماذا إذا كان رأي اللجان الإلكترونية يتفق مع رأيك فهل هذا يعني أن رأيك صحيح أم خطأ؟
اتفاقك مع اللجان الإلكترونية لا يعني أن رأيك صحيح أو خاطئ، بل يعني أنك قد أصبحت – عن قصد أو دون قصد – جزءاً من آلة التضليل. اللجان لا تخلق الحقائق، لكنها تشوه الفارق بينها وبين الأكاذيب، فتسحب شرعية أي رأي يتوافق معها حتى لو كان منطقياً. السؤال الحقيقي ليس هل أنا على حق؟، بل هل وصلت لهذا الرأي باستقلالية، أم أنني مجرد صدى لضجيج مُصَنَّع؟. في زمن يُباع فيه الإجماع ببنسات، الثقة العمياء بأي رأي – حتى لو بدا لك شخصياً – هي خيانة للعقل.
أعتقد أن اللجان الإلكترونية أصبحت وكأنها نوع من أنواع التسويق، فلا يمكن أن نقول ذلك المنتج سئ لأنه يقوم بعمل إعلانات كثيرة.
فوجود لجان الكترونية لفكرة معينة لا يعني بالضرورة أنها سيئة أو جيدة ولكن بالطبع أنا أتفهم أن غالب من يستخدمها يكون هدفه سئ.
ولكن على سبيل المثال، فبعد حدوث طوفان الأقصي كان هناك الكثير من العرب الذين يجيدون لغة اجنبية وعبرية،
وقاموا بعمل مجموعة لتقوم بدور أشبه باللجان الالكترونية لبث الرعب والخوف ونشر أخبار وسط جروبات وصفحات الصهاينة متخفيين وكأنهم صهاينة، وهذه فكرة رائعة وأتفق معها ١٠٠٪.
لذلك مجرد اتفاقي مع فكرة لها لجان الكترونية لن تغير شئ، فهي لن تجعلني أشكك في أفكاري أو تزيدني ثقة بها مثلا.
ولكن بشكل عام كل شخص يحتاج لمراجعة أفكاره بين الحين والآخر وأن لا يتخذ صف فكرة من الأفكار إلا بعد التفكير العميق خاصة في الأمور المهمة.
رغم اعتراضي على طريقة اللجان الإلكترونية في كسب التفاعل وتوجيه الرأي العام، إلا أنه وارد جدًا أن يكون رأيها هو الأصح وأن أجد نفسي متفقة معه! فالصواب لا يحتكر جهة معينة، وقد تلتقي وجهات النظر صدفة حتى لو اختلفت الدوافع أو الأساليب، والمهم فقط أن يكون موقفي قائمًا على قناعة شخصية، لا على رد فعل تجاه من يشاركني الرأي.
وإن كانت الجهة التي ترينها صحيحة على صواب فعلا، فلماذا تلجأ بتجنيد اللجان الإلكترونية؟؟؟ إلا إن كانت جهة مضللة تلجأ إلى حلول مضللة كاللجان!
@Mohamed_hosny @ahmed_abd_elkhalek
سأذكر لك مثالًا بسيطًا حدث معي للتو، كان حديث الإنترنت يدور حول مسلسل معين، وكم هو رائع ومميز وجذاب، لكن فوجئت بأن كثيرين يقولون إن هذا مجرد ترويج من لجان إلكترونية غرضها إنجاح المسلسل، وراحوا ينتقدون المسلسل بشدة! رغم أني شاهدته بنفسي وأعجبني جدًا جدًا، هذا جعلني أقتنع أن أحيانًا ما يُقال عنه "لجنة" ليس بالضرورة ترويجًا مضللًا، بل قد يكون هناك جمهور حقيقي أحب الشيء فعلًا وتفاعل معه، فليس كل تجمع صوتي يعني تضليلًا، وربما يكون دليلًا على صدى حقيقي ونجاح فعلي.
إذاً أنت ببساطة تقولين يا صديقتي @BasmaNabil17 أن رأي اللجان الإلكترونية صحيح لمجرد أنه توافق مع رأيك .. !؟ لماذا لا تقومي على الأقل بالتشكيك في الطريقة التي كونت بها فكرتك أو قناعتك حول هذا الموضوع، بالنسبة لي الشك مفتاح أساسي لفهم الحقيقة وليس العكس، وعندما أجد أن هناك أمر ما تدعمه لجنة إلكترونية أتأكد بشكل جذري أن هذا الأمر يحتوي بشكل مؤكد على أمر خاطئ ، فالحق لا يحتاج لأن يدعم بالأكاذيب أليس كذلك ؟
لا أرى أن توافق الرأي مع ما تروّج له اللجان الإلكترونية يعني بالضرورة أن رأيي خاطئ. فكل شخص منّا له وجهة نظر مستقلة، حتى وإن صادف أن تطابقت مع رأي آخر، سواء كان صادق أو موجه. الثقة في الرأي لا تعتمد على من يشاركني فيه، بل على قناعتي به، ما دام نابع من داخلي ومبني على تفكير وتجربة حقيقية. ليس كل من قال رأي يشبه رأي الجموع بالضرورة تابعًا لها، فالأفكار أحيانًا تتقاطع دون ترتيب، والمهم أن نكون صادقين مع أنفسنا.
التعليقات