هل قيمة الفرد تتحدد بما يمنحه لنفسه فعلا؟

لا تكفي إجابة واحدة لهذا السؤال.

فقيمة الإنسان في الماضي لم تكن تتحدد كما هي الآن، المعادلة تختلف حسب الزمن ومتغيراته.

يعني حاليًا مثلًا، كثيرًا ما يتم اختزال قيمة الإنسان في نجاحه المهني أو المالي، وهذا أمر خطير. فـ(القيمة) في الأصل يجب أن تكون مفهومًا إنسانيًا داخليًا، يسبق الإنجاز ويقوده، لا العكس. وحين نعلّق شعورنا بالقيمة على ما نحققه، نُصبح أسرى الإنجاز؛ أي فشل يهزنا، وأي نجاح لا يُرضينا.

ولكن دعكِ من الفلسفة خاصتي، فلا وقت لنكتشف القيمة الحقيقية الآن ونقنع هذا العالم المجنون بها.

بينما ترى إنجازات الإنسان ونجاحاته المختلفة كمعايير خارجية لقيمته في نظر المجتمع، يظل الاعتراف الداخلي بهذه القيمة وتقدير الذات هو الركن الأساسي الذي يمنح هذه الإنجازات معناها الحقيقي وينعكس إيجابًا على نظرة الآخرين. فبدون تلك القوة النفسية الداخلية التي تدرك قيمة الذات ، قد يشعر المرء بالضآلة وعدم الكفاءة رغم كل ما حققه، مما يؤدي بالتتابع إلى تقليل شأنه في نظره وفي نظر الآخرين. لذا، يمكن القول بأن قيمة الفرد تتأثر بشكل كبير بما يمكن أن يمنحه لنفسه من تقدير واعتراف، ولكن تحديد هذه القيمة بموضوعية يتطلب توازنًا دقيقًا؛ فمن ناحية، يجب على المرء أن يعترف بإنجازاته ونجاحاته دون تواضع زائف، وأن يمنح نفسه التقدير المستحق عن جهوده وتفانيه. ومن ناحية أخرى، يجب أن يكون قادرًا على رؤية نقاط قوته وضعفه بموضوعية، وأن يتجنب الغرور أو المبالغة في تقدير الذات، فالتقييم الموضوعي للقيمة الذاتية ينبع من فهم عميق للذات، وإدراك للإمكانات والقيود، والاعتراف المستمر بالنمو والتطور، مما يسمح له بتقدير نفسه حق التقدير دون الوقوع في فخ التقليل أو المبالغة.

قيمة الإنسان وقياس نجاحه تختلف من شخص لأخر ومن مجتمع لأخر ومن بيئة لأخرى، وحتى من أسرة لاخرى.

فمثلًا هناك عائلات ترى أن نجاح الأبناء يكون بمدى ما وصلوا له من تعليم وعائلات أخرى يهمها الزواج والنسب، وكذلك هناك أفراد يقيمون نجاحهم وقيمتهم لأنفسهم بما انجزوه في العمل أو التعليم أو المال، وآخرين يقيمونه بتربيتهم لآبنائهم، وآخرين يقيمونه بمدى السواء والسلام النفسي لديهم وتأثيرهم الإيجابي على الناس.

لذلك أعتقد أن قياس مدى نجاح وقيمة الفرد تتحدد بما يراه هو هام بالنسبة له.

يؤكد علم النفس الإنسانى بأن التقدير الإيجابى للذات هو حجر الزاوية فى الصحة النفسية، وهو لا ينبع فقط من الإنجاز، بل من قدرة الشخص على اعترافه بقيمته حتى فى حالات الفشل ، قيمة الفرد لا تُمنح له من الخارج فقط ولا تكفى أن تكون داخلية بلا وعى . بل هى حصيلة تفاعل بين ما ينجزه الإنسان فعلاً، وما يعيه عن نفسه من قيمة وقدرة، وما ينعكس عليه من المجتمع من اعتراف أو استجابة (البعد الواقعى + البعد الذاتى + البعد الاجتماعى)

في تقديري أن قيمة الانسان تكمن في مايضيفه بين ميلاده وموته ....

لنفسه

لدينه

لاهله

لوطنه

للناس اجمعين...

إذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزهُ إلى ما تستطيع

إذا قدم الانسان وانجز ونجح فحتى لو لم يقدره الآخرون لكن ضميره سيرتاح اما الذي يعيش لنفسه فقط او يقضي حياته كلها في الشهوات والمتع فلا يمكن ان يرتاح ضميره وسيضل طول حياته يشعر بالذنب والتقصير وعدم الاهمية ولهذا يقال من كان همه بطنه فقيمته ما يخرج منها ....

فقيمة الانسان تتحدد بما يمنحه لنفسه ولدينه ولاهله ولوطنه وللآخرين

اليوم قيمة الانسان تتحدد فيما يفعله للاخرين، في تعامله معهم، ما الفائدة من أن أحقق انجاز على الصعيد التعليمي مثلا فيما أن سلوكي وتعاملي مع الغير غير احترافي، سأشعر بقيمتي عندما اعامل الناس بالطريقة الصحيحة، عندما اقدم لهم العون، عندما أحترمهم وأكن لهم الحب، وبالتأكيد هم سيبادلوني نفس الشعور. مثل هذه الامور ستجعلني بأنني انسان لدي قيمة، احترم نفسي والكل يحترمني.

أما بالنسبة لكيفية معرفة المرء بقيمته، يمكننا تحديد مواطن القوة والضعف لدينا، التطوير من مواطن القوة، ومعالجة مواطن الضعف، فضلا عن مقارنة مهاراتي وانجازاتي وخلافة بالاخرين وما يمتلكونه، مع مراعاة أن لكل شخص لديه ظروف تختلف عن الآخر. اراء الاخرين تجاههنا مهمة ليس لأنها ستظهر لنا إن كانت لدينا قيمة من عدمه، فنجن أدرى بذاتنا، ولكن لنسعى إلى صنع الانجازات في كل مرة بقوة.

شخصياً رغم حقيقة ان الكثير (وانا منهم) يريد ان يعترف الاخرون بانجازاته إلا أن هذا الاعتراف ليس الا شيئاً فارغا، وإن اعترف بما حققته إما ان الوقت سيجعله ينسى او ربما يراك محظوظا حصل على ما يريد بالصدفة، فالقيمة يتم تحديدها من وجهة نظري من الاعتقاد الشخصي، فمثلا عندما يأتيك ملحد يقول بأن الإنسان نتيجة صدفة ومشاعره عبارة عن تفاعلات كيميائية لا علاقة لها بأي شيء اخر، هنا يتجلى مفهوم إختزال الإنسان والتقليل منه وجعله مجرد الة او بهيمة لا يهم.

وهذه المسألة (مسألة الإعتقادات) هي الأهم فهي ما تحدد سلوكياتنا، فإذا كنت مسلما تعتقد بحرم دم الناس وإن كان كافرا معاهدا وان الظلم والاحتقار والعنصرية لا يجوزون بتاتاً، فطبيعياً سينشئ الاحترام والاعتراف بالاخر وان كان هناك شذوذ عن هذا فهو من الشخص نفسه او سببه شخصي لا الاعتقاد نفسه، بينما لو يعتقد بكونه من عرق متفوق وان حياة الواحد منهم اهم من حياة الملايين بل حياة البشر جميعا، فسنرى مثل هذه المجازر الموجودة في غزة ولن نعود نهتم بالبحث عن قيمة الاشياء عندهم فقيمهم تحددها شهواتهم ومعتقداتهم الفاسدة، اللهم نصر اهلها وجميع المسلمين على اعدائهم الظالمين.

وكيف يكون المرء موضوعيا في الحكم على قيمته، بحيث لا ينتقص منها، ولا يبالغ في تقييمها؟

الاجابة تكمن فى  القدرة على النظر إلى الذات بعين موضوعية، بعيدًا عن المقارنات الزائدة مع الآخرين أو الفخر المبالغ فيه. الشخص يجب أن يقيّم نفسه بناءً على المعايير التي يراها صحيحة، مثل الجهد المبذول، النية الطيبة، والقدرة على التأثير بشكل إيجابي على من حوله. التقدير المبالغ فيه قد يجعل الإنسان غير واقعي في تصوره لذاته، بينما التقليل من القيمة الذاتية قد يجعله يستهين بما حققه، ويفقد بذلك الثقة بنفسه.