التقاليد هويتنا وتخلق شعور عندنا بالانتماء ولكن هذا تبيّن عندي أنه يسبب تعارض أيضاً مع معتقداتنا الشخصية أو رفاهيتنا العقلية، مثلاً عندي قريبة لي شابة من المتوقع أن تتبع تقاليد عائلتها في ممارسة مهنة الطب على الرغم أنني أعرفها جيداً في أنها تعشق النحت إلا أنها تشعر بالضغط للامتثال لما يفرضون من تقاليد، هذا بمرور الوقت سيؤدي لضغط وبالتالي إلى القلق والاكتئاب.
بمواقف مشابهة يدخل فيها التقليد العائلي ومعتقدات العائلة على تضاد مع أفكارنا وصحتنا النفسية كيف يجب أن نختار؟ ولماذا؟ شاركوني آرائكم!
أعتقد أن اتخاذ مسار النفس هو خيار متاح فقط لمن لديه القدرة على تحمل تبعاته الثقيلة، مثل ضغوطات ومضايقات المجتمع المحيط به، وصراعاته الداخلية التي سيعيشها وحيدًا، عمومًا ينبغي حتى يسلك هذا المسلك أن يتحلى بقدرات إقناع خرافية حتى يستطيع الحصول على ما يريده دون السقوط في نزاعات لا داعي لها إن أمكن ذلك، إذا تخطى الوالدين فالأمر يسير، وبقية العائلة والقبيلة لا تهم.
ولكن بالنسبة لنقطة الصحة النفسية فلا أعتقد أن اختيار المسار الذي تريده وتميل له سيحميك من الضغوطات النفسية، لأنك ستتعرض لأشنع أنواع الهجوم ممن هم حولك، فكيف تتفادى التأثير السلبي الذي من الممكن أن يطالك من الآخرين بسبب اختيارك غير المتوافق مع ما هو متعارف عليه في مجتمعك؟
أن يتحلى بقدرات إقناع خرافية حتى يستطيع الحصول على ما يريده
هذا إذا لم يتعرض الشخص للقمع والاقناع أثناء الدفاع عن نفسه، لإنني لاحظت أن مستوى العدوانية الذي يظهر منا كمجتمع مع الأشخاص الذين يرفعون أصواتهم لكي يحصل حقوقهم شيء خيالي فعلاً، والغريب أننا في الإجبار والإكراه حين نكون جماعات فقط يعني كالعائلة، ولكن كأفراد لا يظهر عادةً هذا العنف.
ذكرني الأمر بصديقة حدث معها نفس الشيء عندما أجبرتها والدتها على دخول القسم العلمي بعد الثانوية العامة، وكان ذلك على أمل أن تصبح طبيبة رغم أنها تحب الأقسام الأدبية بشكل أكبر، وتعلم جيدًا أنها لن تنجح في دراسة المناهج العلمية، وهذا بالفعل ما حدث عندما ظهرت النتيجة ووجدت نفسها لا تستطيع تحقيق حلم والدتها، وفي نفس الوقت لم تتمكن من دخول الجامعة التي كانت تتمناها بسبب مجموعها في الثانوية العامة، وبسبب ذلك تعرضت لمشاكل نفسية كبيرة.
برأيي لا بد أن ندرس المجال المفضل بالنسبة إلينا والذي نعتقد أننا سننجح فيه، حتي إذا عارض الأهل هذا الأمر وغضبوا بالتأكيد سيتراجعون عندما يرون نجاحنا فيما قمنا باختياره.
حين كنت أدرس الأدب الإنجليزي كان يأتينا دائماً طلاب جيران لنا في كلية الطب ويحضرون محاضراتها معنا، كنا نسألهم ما فكرة حضوركم يعني؟! - يقولون لنا بالحرف: يعني نقضي أوقات حلوة معكم وبذات الوقت محاضراتكم حلوة وممتعة ويا ليت كان عندنا القدرة للتسجيل بفرع ممتع كالفرع الذي تدرسونه! - هذا برأيي يصوّر حجم الضرر الحاصل بمجتمعنا.
ربما يكون تخصثكم ممتع بالفعل، لكن الواقع أن الإنسان يميل إلى تجربة شيئ لا يمتلكه، مثل تخصص مختلف بالدراسة أو تجربةالعمل بمجال جديد، عندما كنا بالكلية كان باقي الأقسام يرون أن تجارب الكيمياء جميلة وممتعة، فلماذا يتذمر طلبة الكيمياء والكيمياء الحيوية، لكن في الحقيقة هم لا يعرفون شيئًا عن الجزء النظري لمواد القسم ، أو عن محاضري تلك المواد، وكيفية تعاملهم مع طلبة القسم، لكنهم لا يدركون تلك الحقيقة إلا إذا اضطروا لاختيار إحدى مواد الكيمياء كمادة تكميلية لعدد الساعات، وأصبحوا مضطرين لدراستها والاختبار بها فعليًا، هنا أدركوا الفرق بين تلك الأقسام، بينما نحن كنا نعتبر المواد الإضافية للأقسام الأخرى ممتعة طالما انها بعيدة عن تخصصنا الرئيسي.
أرى أنه من الأفضل اختيار الطريق الذي يعزز رفاهيتنا الشخصية، ويساعدنا على العيش حياة أكثر سعادة ورضا. فذلك يمنحنا القوة لتحقيق النجاح حتى في ظل التحديات.
أما بالنسبة للعائلة، ففي بعض الأحيان لا تدرك التأثير الذي تتركه تقاليدها على صحتنا النفسية وحياتنا الشخصية. ولكن بالنسبة لي أعتقد أن الحوار المفتوح قد يساعد في تخفيف الضغط وخلق مساحة للتفاهم المتبادل. ولذا يمكن لقريبتك أن تشرح لأهلها شغفها للنحت، وكيف يؤثر عليها العمل في مجال لا تشعر بالانتماء إليه كالطب حتى ولو كان هو مجال العائلة.
الحوار المفتوح أشبه بفكرة أسطورية في ٧٠% من العائلات العربية، أعرف ذلك لكثرة اختلاطي بالناس، حياتي جداً اجتماعية وفيها الكثير من الزيارات، يكاد الأب أني يُخرِس زوجته أمامنا أو حتى لو أعطينا له مساحة أن يضربها، مساحة الحريات والكلام بالعائلة شبه معدوم للأسف وهذا ما يعني أنه يجب أن نفكر بحلول أخرى في هذا الصدد.
عن تجربة شخصية طويلة الأمد أقول عليك بالبحث عن المسار المناسب لك، وتحقيق ما تريد طالما يساعدك على الاحتفاظ على سلامك وصحتك النفسية لأنه بعد سنوات من تقدمك في مسارك سيكون لك القدرة على مساعدة الأهل حتى لو لم تكن بجوارهم بشكل دائم، لأنك حافظت على سلامك الداخلي وحققت ما تريد، ولكن في نفس الوقت عليك بمعرفة أن الخطوة ليست سهلة على الإطلاق وخاصة في البداية ستمر بالعديد من الضغط النفسي ولكنه سيكون مؤقت فور تحقيق أول خطوة واضحة وإيجابية في مسار حياتك التعليمية والمهنية على حد سواء.
المشكلة أن في كل العالم الضغوط على الشبان تكون من بيئة العمل أو القرارات التي يتخذها مع الناس أو الظروف الخارجية، المنطقة العربية تضيف بعد أعمق وأكثر تدميراً للنفسية في هذا الموضوع وهو أنها تمارس ضغوطاً داخلية على الشخص بيحث يبقى بلا أي مكان آمن، لا يشعر بالأمان حتى في غرفته
إلى الحد الذي يمكنني به تحمل تبعة اختياراتي وتصحيح مساري إذا لزم الأمر، فإن كان لي توجهات خاصة فالمفترض ان أعرف ما هو هدفي وكيف يمكنني تحقيقه وما الفائدة التي تعود علي من الوصول لهدفي، فإن كنت لا أملك رؤى واضحة ولكن توقعات وطموحات غير مستندة إلى أسس وأسباب واضحة، فالأفضل هو الأخذ بنصائح الأهل وتوجيهاتهم وعدم النظر لها على أنها تحكمات، فالطريق الأصح هو أن أقنعهم أو يقنعوني ومثلما آمل أن يستمعوا لي فيجب أن أستمع وأفهم أنا أيضًا، المرونة في التعامل وتقبل اآراء الأهل يحسن كثيرًا من صحتنا النفسية، بعكس إذا ظللنا مقتنعين (بلا سبب) أنهم يضغطون علينا لأجل أجندتهم الخاصة وليس لمصلحتنا، لا يعني إثبات نفسي هو الاعتراض طول الطريق.
ماذا عن حق التجربة؟ لماذا عليّ أن أمتثل مثلاً لرأي أب ما زال يعتقد أن الوظيفة في الحكومة أمر ممتاز أو أم تعتقد أن المهنة أمر يشكّل استقرار..الخ؟ بالغالب الأعم أرى أن خيارات الأب والأم والعائلة الأكبر منا سناً نحن الشباب هي مستندة فقط على خبراتهم السابقة في حياتهم وهم شبان ولا علاقة لها أبداً بحديث الساعة بالسوق والحياة المهنية الحالية أو الأكاديمية.
من المهم أن يكون إختيارك قائم على القيمة التى تأخذها أو تقدمها أما عمل بلاقيمة تأخذها أو قيمة تقدمها فهو عمل أصم حتى وإن كان يحقق الكثير من المال طالما أنك فى حالة مادية جيدة لكن إن كانت حالتك المادية سيئة فلا مانع من العمل حتى تتسحن حالتك، دائماً أى عمل تقوم به قل فى نفسك كيف أؤثر بعملى هذا على العالم فلو مثلاً أنك تسوق لشركة صهي**ية فأنت بهذا الشكل تدعم وتساندهم وتحارب من؟!
وكذلك فى كل شئ لو تعمل فى مصنع لعب أطفال ؟؟! لو تعمل فى علاج أمراض مستحدثة؟!لو تعمل فى مهنة الطب؟! لو تعمل فى مهنة نحت التماثيل أو النحت كيف تؤثر على العالم؟! أو ما هى القيمة الحقيقة التى تقدمها أو تأخذها من علمك هذا أو مامقدار تأثير مساهمتك هذه على العالم أو المجتمع؟!
وجه نفسك بالقيمة أو العمل التى تساهم فيه وسترى الصورة النهائية بشكل يحفزك لأن تكمل أو أن تغير أو أن تتبع شئ أخر.
القيمة الأخلاقية كثير من الناس يشطبونها بناءً على فكرة أن العمل لاةمجال فيه لهذه الأحاديث، فمن يدفع هو من يقرر، مثلاً عُرِض مرة على صديقي أن ينشر مقالات لشركة عكس ما كان يكتب على المدونة عنده، قال لي عُرض عليّ كذا وكذا - قلت هل ستقبل؟ قال نعم ولكن أول شيء سأدخل وأمسح كل ما كنت اكتبه عكس هذا الكلام لكي لا يشعر أحد بالتناقض وعلّ وتيرة أعمالي تزيد مع الشركة!
هنا شعرت أنه يقيس الأمور بشكل تجاري بحت بدون أي التفاتة للقيمة فعلاً كما اسميتها: قيمة وصدق ما أقدّم لهذا العالم.
هنا شعرت أنه يقيس الأمور بشكل تجاري بحت بدون أي التفاتة للقيمة فعلاً كما اسميتها: قيمة وصدق ما أقدّم لهذا العالم.
هذا ماتحدثت عنه فى مساهمة من قبل بعنوان : لماذا نفعل مانحن لسنا مؤمنين به، ولانفعل مانحن مؤمنين به؟!
أمر فظيع حقاً ان يكون تصرفاتنا عكس مانحن مقتنعين به هناك مايسمى بالفجوة المعرفية التى قد تسبب مشاكل أو إضطرابات فيما بعد.
قيمة وصدق ما أقدّم لهذا العالم.
هذا أهم ماتهتم به.
العادات والتقاليد معضلة لا تنتهي لدينا ابداً،،اصبحت موروثات لدى بعضنا واحياناً مُجبرين ان نتقبلها مع تعارضها الشديد مثلما ذكرت مع معتقداتنا او ارادتنا،،،بعض الأهل بصورة عامة ينظرون لنا بأننا لا نعرف مصلحتنا الشخصية اين تكمن تو تكون يعتقدون انهم اكثر خِبرة بما يهم مصالحنا وهذا في بعض الأحيان صائب وصحيح لكن ليس دائماً ف نحن لنا خياراتنا وميولنا تجاه الأشياء..،ومن الصعب جداً ان نتعارض آحيانا مع التقاليد لأننا سنواجه مشاكل في غِنى عنها لكن انا لا اهتم لو كان هناك قدرة على كسر بعض القواعد تجاه بعض العادات ولا نمشي على مسار ما يريدونه،،لكن نتحمل ردود الفعل وبمرور الوقت هم يتقبلون ويتماشون مع ما اخترنا،،سابقاً انا تكلمت عن هذا الموضوع هنا اساسا ً واطلقت عليه هوس الطب ولماذا الاهل يعتقدون بانهم افضل منّا في اختيار قراراتنا الشخصية او الي تخص مستقبلنا
موضوع مهم جدًا! يبدو أنك تواجه تحديًا في التوازن بين توقعات العائلة واعتقاداتك الشخصية. دعوني أشارك ببعض النصائح:
في النهاية، القرار يعود لك. اختر ما يجعلك سعيدًا ومتوازنًا. 🌟
نحن جيل نشعر بأن قرارات الأهل تحفها الملائكة..
ومخالفة رأيهم لا يكون مجرد تباين في الرأي وكلمات تجري على مسامعهم فقط وإنما يدخل في خوارزميات معقدة مع القدر والحظ لدرجة إيماننا بأن المخالفة توجب العقوبة لا محالة. لكنها في الحقيقة حواجز وهمية.
من وجهة نظري صاحب الرأي المستقل يجب أن يكون قادراً على تحمل أعباء هذا الرأي المستقل.
لدينا في العأىلة طبيب تزوج طبيبة وأنجبو ثلاثة طلاب في كلية الطب البشري، هذه قضية لها تفسير مختلف عن قضية "إجبار الأهل".
فالابن الذي ينشئ في عائلة يجري فيها آلاف المواقف والأحاديث عن مهنة معينة يكون مهيئاً نفسياً وعقلياً بنسبة كبيرة لينتسب إلى هذه المهنة حتى وإن قال بأن أهله أجبروه فإن له ثلثين الخاطر ولن يدرس سبعة سنوات بجميع مضنياتها لأنه مجبر.
التعليقات