تأثير زيجارنيك (Zeigarnik Effect): لماذا نتذكر ذكريات محددة بوضوح دون غيرها؟

لأنه فعلا حوله لماضي وانتهى منه وخرج للحاضر أما أنا وأنت فماضينا هو حاضرنا وحاضرنا هو ماضينا"

الجانب النفسي هو الجزء الأساسي لهذا التأثير، وسأعطيك مثال: ألم تشعر بالندم سابقًا على أي هدف كنت تنوي تحقيقه ولم يتحقق؟ نفس الأمر يسري على الحوادث المؤلمة التي تحدث لنا، تصبح "مواقف غير منتهية"، بعض الأشخاص لا يعرفون كيف يضعوا نهاية لبعض التجارب المأساوية، فتظل الذكرى عالقة في ذهنه. في حالة الزميل الذي تحدثت عنه هو وجد نهاية لتجربته: بدأت وانتهت وأصبحت ماضي كما ذكر صديقك، وربما يكون جزء من تعافيه هو التحدث بكل وضوح عما مرّ به، لأن واحد من أساليب وضع النهايات لهذه المواقف، هو تقبّل ما حدث ومسامحة الشخص لنفسه حتى يُقبل على الحياة من جديد، فهل تراها وسيلة جديرة بالتجربة؟

تطبيق هذا التأثير يعتمد على مدى أهمية مَهمة محددة بالنسبة لكِ، مثلًا تريدين إنهاء مشروع يتكون من كتابة 20 ورقة، فحتى يظل ذهنك حاضرًا، تحددين كتابة صفحتين مثلًا ثم أخذ فترة راحة وتبتعدي تمامًا عن الكتابة وتتعمدي إلهاء نفسك بشيء مختلف، هذا يجعل المخ يركز أكثر على المهمة غير المكتملة، فعندما تعودين لها مرة أخرى بكل تركيزك، تجدي مخك مستعد للإنجاز بشكل أفضل، ولكن هناك نقطة هامة جدًا وهي عدم تحويل فترة الراحة إلى مماطلة لمدة طويلة، لأن التاثير هنا سيصبح عكسي، سيزداد التوتر الذهني بسبب وجود أمر غير مكتمل.

وأبسط مثال هو التدخين، الذي يعود إليه الناس بعد أعوام، بل وأعرف طبيبًا توقف بسبب تعب وأجرى عملية قلب مفتوح، ثم عاد للتدخين بعدها بأقل من عام تقريبًا.

هذا لأن قراره لم يرتبط بهدف شخصي، فالإرادة هنا تضعف مع الوقت، بمعنى هو لم يكن هدفه التوقف عن التدخين من الأساس ( حسب ما فهمت من حديثك) لذا المهمة غير المنتهية هنا هي رجوعه للتدخين، لأن هذا هو الهدف وليس التوقف عنه. وقد يكون رجوعه هنا ناتج عن وجود ضغوطات خارجية وما شابه، لكن أعتقد أن السبب الأكبر هو عدم وضع التوقف عن التدخين كهدف شخصي غير مرتبط بالمرض أو الضغط الخارجي.

التاثير نفسه يمكن اعتباره سلاح ذو حدين، بشكل سلبي، قد نشعر بالإحباط نتيجة للأهداف التي لم تكتمل وظلت عالقة بأذهاننا ومرتبطة بفكرة الإخفاق. ولكن بشكل إيجابي يمكن أن نستخدمه لصالحنا، فأنا لو أردت تحقيق هدف محدد واصب تركيزي كله عليه، يجب ان اخذ فترات راحة أعطي فيها حقي مساحة كاملة للإلهاء عن المهمة الأساسية، هنا سيزيد التحفيز لان حلقة المهمة غير المنتهية لا تزال مفتوحة، فعندما أعود لها مرة أخرى سيكون تركيزي أفضل بكثير، ولكن الفيصل هنا هو تجنب تحول أوقات الراحة إلى مماطلة لان ذلك سيجعل التوتر الذهني يتضاعف بشكل مؤرق ويضعف التركيز.

ولكن هنا سؤالي: هل عدم دراسة مثلاً القسم الأخير من المادة قد يجعلني أكثر قدرة على تذكر ما يسبق القسم الأخير منها؟

هل تقصد عدم دراسته في المطلق، أو تأجيل دراسته بناءً على التقسيمات الخاصة بالمنهج؟

بشكل عام، مبدأ هذا التأثير قائم على أن ما ياتي سريعًا يذهب سريعًا، بمعنى أن ضغط نفسك مثلًا في ليلة إمتحان ومذاكرة كمية كبيرة جدًا من المادة، ستنسى كل ما ذاكرته بمجرد أن تسلم ورقة امتحانك، وهذا لأم المهمة الأساسية اكتملت، لذا هذا الأسلوب مثلًا لا يمكن إتباعه لو كان الهدف هو البحث والفهم والتطبيق.

هذا طبيعي، ولكن هل تهتم بوضع جدول منظم لأداء كلًّا منها على حدى، أم أن مهامك أصلًا غير ثابتة وتتغير في كل فترة عن الأخرى؟