الإحباط مُرّ وثقيل، غالبا ما يجلب الحزن والعجز وقد يتحول الى حالة اكتئاب إذا طال، لكن الغريب أنه مغري وجذاب أيضا، وأحيانا رغم ألمه يتحول إلى متعة ولذة، فلا نجد في أنفسنا رغبة لمحاربته أو تغييره، بل ونرفض من يحاول مساعدتنا للخروج منه، ونُصرُّ على البقاء فيه وقت أطول، فلماذا نفعل هذا؟ هل هذا نوع من الاختلال والمرض النفسي فينا أم هي حالة طبيعة؟

تجيبنا الأبحاث البيولوجية وعلوم الأعصاب أن الإحباط وحتى الاكتئاب هي حالة صحية جدا، وهي عمليات كيمائية يفتعلها المخ من خلال التلاعب بالهرمونات المسؤولة عن الشعور بالمتعة والألم، يفتعلها بشكل مقصود كعملية دفاعية الغرض منها هو استجلاب إنتباه الأخرين وتحريضهم على المساعدة، فيصبح الجسم يرسل من خلالها إشارات لا شعورية بالحاجة للرعاية والحماية والمساعدة، فالشخص أحيانا لا يعرف كيف يتخلص من الضغط النفسي الذي يشعر به وفي نفس الوقت لا يريد أن يُصرح بهذا الضغط بشكل واعي، فيفعل جسمه هذا من وراءه بدون وعيه على شكل تعبير بالحاجة للمساعدة، فالشحوب في الوجه وقلة الأكل والنوم والكلام والشعور بالكسل والتعب، كلها إشارات يرسلها الجسم لا شعوريا للمجتمع كي يلتفوا حوله ويرفهوا عنه ويعززوا الشعور الإيجابي حوله ليبدأ بالبحث عن حلول للمشكلات التي يواجهها، ويمكن أن يسهم في تعزيز الإصرار والعزيمة على تحقيق الأهداف

لذلك يعد الإحباط آلية نجاة واستمرارية فعال ومهم جدا رغم أنه مؤلم ومتعب نفسيا.