كم مرة تناقضت أفكارك مع أفعالك؟ كم مرة تعارضت مشاعرك مع مبادئك ومعتقداتك فغلب أحدهما الآخر؟ في معظم الأوقات، لا نرى تناقضاتنا الخاصة فغالباً ما يكون من الأسهل ملاحظة أوجه التضارب لدى الآخرين. لكنك مليء بالتناقضات بقدر ما أنا كذلك، نحن البشر مصنوعون من التناقضات، نعيش مع ذاتنا المتناقضة أحياناً بسلام وأحياناً أخرى بألم. نحن لسنا بالمجتمع الملائكي الذي يطبق ما يؤمن به على أرض الواقع وفي حياته اليومية، إننا نعيش -أو بعضنا- بعدد من الشخصيات، وهذا يخلق سلوكيات خطرة في المجتمع. بتعبير الفيسلوف غاليليو غاليلي" يقول البعض إنَّ التناقض اﻷكبر هو بين الخير والشَّر، لكنَّ الصحيح هو أنّه بين الحقائق واﻷكاذيب".

إننا نعاني من انفصام، فنحن ندعي الخصوصية في المحافظة على القيم والأخلاق، ولكن نحن نشهد أو نكون جزءاً من التناقض في حال ركبنا الطائرات في إجازاتنا السنوية وعبرنا الحدود.

لا شك أنها تدخل في مجال الحرية الشخصية، ولكن هذا السلوك المتناقض له انعكاسات خطرة على الفرد والمجتمع، فكم هي مصيبة أن نكون محبين للعدل والمساواة لجميع أفراد المجتمع، ولكن أن تجد قضية مثل قيادة المرأة للسيارة التي يعارضها فئة كبيرة لدينا، منطلقين من اعتبارات دينية أو اجتماعية، والحل لديهم هو مخالف لتلك الاعتبارات، فكيف نرفض أن تقود المرأة سيارتها وتعتني بأطفالها بذهابهم إلى مدارسهم، ونرضى كمجتمع أن يكون لدينا سائق غريب لا نعرف عنه الشيء الكثير، وكما سمعنا وحدث لمن نعرفهم قضايا تحرش بالنساء وبالأطفال إذا عبروا وفهموا تلك الممارسات.

من تجربتي الشخصية، ومن مناقشات الأصدقاء حول بعض تصرفاتنا أقع في حيرة كبيرة، فمعظمهم في تلك النقاشات ضد السلوكيات الخاطئة في قيادة السيارة، ولكن أرقام الحوادث المرورية مفجعة ومحزنة، فمن تسبب في تلك الحوادث إنهم نحن لا غيرنا، فإذا كنا بعيدين عمّن نعرفهم نتصرف بشخصياتنا الحقيقة.

الحل -باعتقادي- يكمن في مؤسساتنا التعليمية، خصوصاً في المراحل الأولية، ولكن العملية معقدة جداً وتحتاج إلى بناء تربوي وأسري يقدس الصدق والأمانة، وعلى وسائل الإعلام خصوصاً في البرامج الدرامية أن ترفع من هذه القيم بعكس الوضع الحالي.

فهل تعتقد أن التناقض صفة إنسانية ؟