ليه البنات ممكن تبكي على نص درجة بعد الامتحان والولد ممكن يعدي النص بالعافية وفرحان

هناك مقولة تنسب للإمام الشافعي، يقول فيها:

“كلما أدّبني الدهر أراني نقص عقلي و كلما ازددت علما زادني علما بجهلي”

نعم هذه حقيقة، فكلما ازددنا بالعلم والثقافة كلما زاد شعورنا بجهلنا وبسعة بحور العلم المختلفة، والأمر لا أراه نابعاً من الشخص نفسه وحسب بل أحياناً يكون الأثر الرئيسي هو الجانب الإجتماعي والمحيط، وبالعودة إلى سؤال العنوان وبالأخص في مجتمعاتنا أرى أن المجتمع يلعب دوراً فعالاً في تشكيل شخصية الفتاة والصبي وتوقعاتهم وردود أفعالهم فيما يخص العلم والنجاح، فطريقة تربية البنت والولد تختلف، وتتم بشكل -في أغلب الأحيان- يكسب الولد شعور عالٍ بالإستحقاقية مصحوب بلا مبالاة، أضف إلى التربية عامل الأصدقاء والأقران أيضاً، وفي الجانب الآخر، تشعر الفتاة أن قيمتها مرتبطة بتلك العلامة التي ستنالها في المدرسة أو الجامعة، وبالتأكيد هذه ليست قاعدة عامة ولكنها شائعة.

وأحياناً نعجز عن رؤية ما نمتلكه من قدرات حتى يتم اكتشافها من قبل الآخرين، وحتى ذلك الحين نظل نننظر إليها بنظرة دونية أو أنها ليست جيدة إلى ذلك الحد.

الأمر مرتبط بعادة كل منهما، عادة ماتجد الولد يفضل اللعب والبنت تفضل المذاكرة، وهذا الجزء نابع من التربية، ولكل الأسر دور بهذا، علاوة على ذلك قد تجد بعض الأسر الفقيرة التى يضطر أطفالها من الأولاد العمل بسن صغير لكفالة لقمة عيش لهم، فمن الممكن ألا يبالى هؤلاء نظراً لما يمرون به مما لايناسب سنهم ولا طفولتهم. الأمر أكبر بكثير من مجرد درجة ونصف درجة، فهناك بنات لايبكون من أجل نصف درجة، أعتقد أن الأمر نابع من داخل الشخص ومن خوفه من الفشل، حتماً البنات تنضج فكرياً قبل الأولاد بكثير ولذلك تجد أن حتى مرحلة الثانوية يمكن أن يكون الولد هوجائي ولا يبالي، أما البنت فلا فهي تدرك حجم العالم حولها.

قرأت مسبقًا عن دراسة بخصوص الفرق بين إظهار النجاحات عند السيدات والرجال، فالرجال غالبًا ما يميلوا لإظهار نجاحاتهم طوال الوقت حتى لو ببعض المبالغة، على عكس السيدات، وذلك نابع للفروق العنصرية بين الاثنين بسبب الأفكار المجتمعية، فتشعر هنا السيدة أنها ليست كفء وتشكك في قدراتها وأنه في حالة المقارنة بينها وبين أي رجل لمنصب وظيفي، بالطبع سيختاروا الرجل كونه متفرغ تمامًا للعمل وليس لديه مسؤوليات منزلية كالمرأة.

فإنه يمكن لفرد ذو الكفاءة العالية أن يفترض خطأ أن مهام معينة سهلة الأداء بالنسبة له، وبالتالي فهي أيضا سهلة الأداء بالنسبة للأشخاص الآخرين، أو أن الآخرين سيكون لديهم قدر من الفهم الجيد لموضوعات معينة مماثلا لقدر فهم الشخص ذو الكفاءة العالية، 

هذا الأمر تحديدًا هو أحد الأعراض الأساسية لمتلازمة المحتال أو المُدّعي، ويعاني منها معظم الأذكياء وخصوصًا السيدات (للأسباب التي ذكرتها سابقًا)، يزيد على ذلك التواجد في بيئات عمل تضعنا تحت ضغوطات هائلة ومقارنة مع كوادر علمية أعلى، فيشعر الشخص أنه في حالة سباق دائمة مع الوقت وأي إنجاز لا يستطيع الشعور به أو بنجاحه.

بغض النظر عن التأثير و التحيز الذي ذكرتهما فأنا أرى أن الولد أو الصبي لا يهتم كثيراً لأنه يعمل أنه " صبي" وأن البينت تهتم لنصف الدرجة لأنها تعلم أنها " بنت". الفروق بين الجنسين تنضحفي تصرفات كلاهما حتى لا شعورياً. فالصبي يشعر أنه يستطيع أن يكون لحياته قيمة حتى ولو بدون درجات أو تفوق أما الفتاة فتحس في داخلها أن التعليم سيصنع لها شاناً وسيفتح لها آفاقاً هي مفتوحة للصبيان بحكم أنهم صبيان. قد يكون ما قلت خطأ ولكن أعتقد في صحته لأن من يشعر بنقصه يريد أن يشفعه بجانب زيادة وهذا ينطبق على الفتيات.

السبب بعود برأيي للمسؤولية الاجتماعية التي تحملها الفتاة نحو مجتمعها. فهي مضطرة أن تسير وفق المجتمع الذي فرض عليها تحقيق علامات عالية في الامتحانات في مقابل إراحة الرجل الذي عنده التزامات مهنيّة لا أكثر وعدم اضطراره لكي يتعلّم أصلًا نظرا لتوفر الوظيفة له.ولكن هذه الأفكار تغيرت في مجتمعنا الحالي حيث صار المطلوب من الرجل أكاديميا لا يقل شأنًا عن المطلوب من المرأة.

لا يجب تعميم الموضوع، فهناك أولاد يحزنون على نصف درجة، وهناك فتيات يسعدون لاجتيازهم منتصق الامتحان، فالأمر ليس قانونًا.

ولكن إذ أعتبرنا الكلام بشكلٍ عام، فأعتقد أن الفتيات عليهم ضغوطات نفسية أكبر، فالفرصة التي ستضيع عليها قد تهدد قيمتها في المجتمع، وتجعلها عرضة للأفكار العنصرية في المجتمع.