هل راقبتم الطيور من قبل وهي تبني أعشاشها؟ هل لاحظتموها وهي تهوي على الأرض مرات ومرات لتلتقط فتات الخبز الذي يسقط منها؟ مما لاحظته في الأيام الماضية مجموعة من الزرازير وهي تبني أعشاشها في مجاري الأبواب الحديدية -والتي تضاهي بيوتنا نحن بني البشر- فتسقط منها مواد البناء مثل الفتيل وأعواد القش والريش وغيرها. كانت تهوي إلى الأرض حتى تلتقطها ثم تسقط منها مجدداً وهي تحاول وتحاول في البناء مجدداً حتى يتم لها ما أرادت!

هل قلت أرادت؟! هل أخطأت هنا في نسبة الإرادة للطيور والعجماوات؟ يبدو أنني أخطأت؛ لأن الطيور تحركها الغريزة نحو أهدافها، فلا تكف عن المحاولة حتى تنجح. فإذا كانت تلك الطيور تحركها الغريزة وتنجح فلماذا نحن بني البشر العقلاء ذوي الإرادة نيأس من تكرار المحاولة مرات ومرات حت ننجح؟!

هذا سؤال حقيقي أوجهه لنفسي قبلكم. هل تفسير ذلك لأننا عقلاء والعقل – كما تعلمون وحتى في اشتقاقه اللغوي- مأخوذ من العقال وهو القيد الذي يقيد البعير حتى لا تشرد يمينا ويساراً. الطيور هنا لا تحركها الإرادة التي نتصف بها نحن البشر و إنما الغريزة. فهل الغريزة أنفع من العقل هنا؟! أعتقد أننا لو اتبعنا بصيرتنا أو غريزتنا أحياناً يكون أنفع لنا من العقل الذي يظل يعقلن ويمنطق ويعقد الأمور؟!

هل ترون أن اتباع الغريزة أجدى علينا من اتباع العقل والمنطق للنجاح في الحياة؟