هل نصبح أغبى أو أذكى؟

هذا السؤال قد يبدو بسيطا وسهلا، لكنه في الحقيقة معقد ومحير. فالذكاء والغباء ليسا صفتين ثابتتين ومحددتين، بل هما نتيجة لتفاعل بين عوامل عديدة، مثل الوراثة والبيئة والتعليم والتكنولوجيا والثقافة والمجتمع والفرد. لذلك، لا يمكن الإجابة على هذا السؤال بنعم أو لا، بل يجب النظر في الجوانب المختلفة والمتناقضة لهذا الموضوع.

من جهة، يمكن القول إننا نصبح أذكى بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يوفر لنا مصادر ووسائل متنوعة ومتطورة للحصول على المعلومات والمعرفة والمهارات. فنحن نستطيع الآن الوصول إلى مكتبات عالمية ومواقع إلكترونية وتطبيقات ذكية وأجهزة ذكية تساعدنا على تعلم وفهم وحل المشكلات والابتكار والإبداع. كما أننا نستفيد من التواصل والتعاون مع الآخرين من مختلف الثقافات والخلفيات والآراء، مما يزيد من تنوع وغنى وسعة مداركنا وآفاقنا. بالإضافة إلى ذلك، نحن نعيش في عصر الديمقراطية وحقوق الإنسان والتسامح والتعددية، مما يمنحنا الحرية والمساواة والعدالة والكرامة، وهذه هي القيم التي تحفزنا على التفكير النقدي والمسؤول والمواطن.

من جهة أخرى، يمكن القول إننا نصبح أغبى بسبب التأثير السلبي للتكنولوجيا على عقولنا وسلوكياتنا وعلاقاتنا. فنحن نعتمد بشكل مفرط على الأجهزة والبرامج والخدمات التي تقوم بالأعمال والمهام بدلا منا، مما يقلل من قدرتنا على التركيز والحفظ والتحليل والاستنتاج والحساب والحكم. كما أننا نتعرض لزخم وفيضان من المعلومات والبيانات والأخبار والإعلانات والترفيه، مما يشتت انتباهنا ويضعف تمييزنا ويخدع إدراكنا ويغير معاييرنا وقيمنا. بالإضافة إلى ذلك، نحن نعيش في عصر الصراعات والحروب والإرهاب والفساد والتلوث والتغير المناخي، مما يهدد أمننا وسلامتنا وصحتنا وبيئتنا، وهذه هي المشكلات التي تحتاج إلى حلول عاجلة وجذرية ومشتركة.

إذن، هل نصبح أغبى أو أذكى؟ الإجابة تعتمد على كيف نستخدم التكنولوجيا وكيف نتعامل مع التحديات والفرص التي تواجهنا. فالتكنولوجيا هي أداة وليست غاية، ويمكن أن تكون لها فوائد وأضرار، وعلينا أن نكون حذرين وواعين وناقدين ومبدعين في التعامل معها. والذكاء هو قدرة وليست هبة، ويمكن أن تزداد أو تنقص، وعلينا أن نكون متعلمين ومتطورين ومتعاونين ومسؤولين في تنميتها. والغباء هو خيار وليست قدرة، ويمكن أن نتجنبه أو نقع فيه، وعلينا أن نكون حكماء ومتزنين ومتفهمين ومتحملين في مواجهته. وفي النهاية، الذكاء والغباء هما مفهومان نسبيان ومتغيران، ولا يمكن قياسهما بمعيار واحد أو ثابت، بل يجب النظر فيهما من منظور شامل ومتعدد الأبعاد.

للمزيد يرجى زيارة موقع boukultra| شريان المعرفة