ومضت سنة 2023

كلنا نملك شريطاً للذكريات يمر سريعاً في لحظة من لحظات التفكر، يوم أن كنا أطفالاً ثم كبرنا وكبرت معنا أحلامنا، ومازال الشريط يمر. كل سنة من سنوات العمر لها بابان، باب للدخول وآخر للخروج، الواعي من يخرج بنسخة جديدة أفضل من سابقاتها. نسخة أقرب إلى الله تعالى تطلب النجاة وتسلك طرقها، نسخة ذات بصيرة نافذة وإحساس مرهف، نسخة أملها أكبر وطموحها أوسع. وهل يعقل أن تخرج من 360 يوماً دون أي تغيير، في الساعة الواحدة تتبدل أمم فكيف بنفسك التي بين جنبيك. 

منذ أن وُجدنا حتى هذه اللحظة قابلنا أعداداً غفيرة من البشر ولم يتشبث في الذاكرة سوى النزر اليسير الذي حفر أثراً وما سواه تلاشى كأن شيئاً لم يكن. بقي ذاك الذي غير في العمق فأزهر وأثمر نرتوي منه حتى يومنا هذا ارتواءً لا تظمأ الروح بعده، كلما تذكرت النبع الصافي من معلماتي اللواتي صنعن مني شيئاً أشعر أن هناك زاوية في النفس هن من بناها.

مضت 2023 بحلوها ومرها ولأنني أقفلت باب السلبيات منذ زمن فلا تسمع أذنيّ سوى الإيجابيات ولا ترى عينيّ سوى الجمال فالمُر يمر مرور الكرام فلا تسمع له همساً. في هذا العام كما كل الأعوام أحاطتنا عناية الله تعالى ولطفه، تنزل النعم تترى على العالم دون انقطاع نشكر الله تعالى على جوده ومنّه فبالشكر تدوم النعم. 

أحداث هذا العام قوية الأثر كمن فتت صخراً وأعاد بناءه شكلاً آخراً، منعطفات شديدة غيرت مجرى الحياة وأضفت عليها حسناً وتفاؤلاً. كأنما دخلنا آلة التغيير وخرجنا بنفس أخرى وتفاصيل جديدة. 

سنلقي النظرة الأخيرة على 2023 ثم نودعها بلا رجعة لكن أحداثها ستبقى في الذاكرة ليبقى حمد الله تعالى حاضراً في كل حين على ما أنعم وأكرم وبدل وغير. 

في هذا العام تعلقت قلوبنا بغزة العزة واشرأبت أعناقنا لتكتحل أعيننا بانتصارات المقاومة التي دافعت عن شرف الأمة وكرامتها، بعزة من الله اندلعت الحرب هناك لسحق أعداء الإسلام وإبادتهم فلن يعلي كلمة الله سوى الجهاد، أنوار تضيء هذا العام بأحداثه الجسام التي تجسدت في التغيير الجذري على كثير من الأصعدة. بركات بعضها فوق بعض. 

هانحن نلج العام الجديد ونحن مطمئنون لأقدار الله واثقون أنه قادر على كل شيء، نقرأ "هو عليّ هين" تتغلغل الآية في عمقنا تاركة خلفها براكين من التغيير. يقيناً بالله سيكون هذا العام مباركاً.