إحصائيات أم صور أم قصص؟ كيف ننقل حقيقة الحرب على غزة ؟

الإحصائيات مهمة ولا يجب إهمالها، لكن لك أن تتخيل كيف أن المسؤولين في الكيان الغاشم ينقل صورة مؤكدة للغرب أن الإحصائيات مكذوبة فلا تصدقوها!

من أكثر الآراء التي أتفق معها بهذا الشأن هو أن يستغل كل شخص مهارته وتخصصه في نقل الصورة، كان أ. يوسف الدموكي الكاتب والصحفي يتحدث عن خلق عالم موازي من الكتابة، عن قصة متكاملة من كل نظرة رعب في عين طفل أو صرخة أم أو دمعة أب.

ويرى المصممون أن تصميم الصور فرصتهم للتعبير عما بداخلهم ولنقل صورة حية، كالصورة التي انتشرت لعربة مثلجات بجوارها طفلة تتشبث بيد أبيها طالبةً المثلجات، إلا أنه يجيبها أنهم لن يشتروا المثلجات بل سيترك الأخت الصغرى تنام هنا في سلام، هذا ينقل قصة امتلاء ثلاجات الموتى عن آخرها حتى لجؤوا لعربات الآيس كريم.

وغير الكتابة والتصميم، هناك برمجة المواقع التي توثق الأحداث، وهناك البلوجرز الذين يصورون يوميات من القطاع، وهناك من أخذ على عاتقه بند الترجمة للغات العالم المختلفة ليرأب بذلك صدع الإعلام المضلل.

دون التأثير على مشاعره بطريقة سلبية.

ولماذا نخاف على الجمهور من أن تتأثر مشاعره سلبًا؟ ثمة قومٍ يبادون عن بكرة أبيهم وتتمزق أشلاء ذويهم أمام أعينهم فتُجمع في أكياس، فهل يبخل العالم ببعض التعاطف؟

أنا لا أعني أن نكرر المشاهد ونصل معها لحالات اكتئاب ولكن أقصد أن الاطلاع العام على الوضع مهم لمعرفة كيف تسير الأمور.

هذا ليس محتوى ترفيهي حتى يخاف الشخص الذي ينشر هذه الأخبار على مشاعر الشخص، على مشاعر المتلقي، هذا أمر صعب ويجب أن نراه جميعاً كما هو برأيي سواء حصل في غز.ة أو في أي مكان بالعالم، ولكن أحب أن أضيف إلى هذه القضية رأي خاص لي لا علاقة له بالأحداث الجارية بقدر ما هو له علاقة بالعام من الأمور، أي إذا حصل هذا الأمر في أي مكان بالعالم ما الذي يجب عليّ أن أفعله كشخص يشهد على هذه الأمور أو يحب أن ينقلها؟ برأيي لكل خطوة هدف، وإذا كان هدفنا التأثير فعلاً على الرأي العام العالمي هناك خطوات تتراوح بين التأثير على مشاعره وبين التأثير على عقله وهو ما يجب أن نقوم به، ما الذي أعنيه بهذا الأمر؟ سأضرب مثالاً من رحم الواقع، يمكننا مثلاً أن نسجّل ونؤيّد أرقام هويات الاشخاص الذين أصيبوا إصابات بالغة أو فقدوا، أو حتى استشهدوا ونسجّل ما صار معهم ومن ثمّ نصدر تقرير كبير مرفق بمقدّمة مثلاً عن أنّ هذا بياني للحال الحالي في المنطقة عندي ويمكنك التأكد من كلامي بتتبعك لأرقام الهويات. أما نشر صور فظيعة برأيي هذا الأمر يورث المهانة والضعف والخوف للناس الذين يتابعون ولذلك برأيي يجب أن نتجنّب نشر هذه الأمور في الصحافة العربية ومواقع تواصلنا، بل أن نحرص على أن تكون توثيق ليس إلا بأرشيفنا، وما يبرز فقط الإحصائيات والطريقة الممنهجة التي يتم الإعتداء بها عليّ، هذا الربط بين الأمرين يخلق حالة من الرأي العام بالتأكيد.

التأثير على مشاعره بطريقة سلبية.

هذا ضرورة لا بد منها، وليش شيئا ليتم تجنبه، لأن ما يحدث وما تنقله يفرض ذلك، أن يتأثر الشخص ومشاعره ووجدانه، هنا يكون قيمة لما قمت به، واستطعت أن تنجح فيما قدمته، لأنك كسبت تعاطف مبني على إدراك بحقيقة ما يحدث، وهو ما يمكن استغلاله بشكل جيد للضغط على أصحاب القرارات.

أما عن الطرق فيفضل استخدامها جميعا، والتركيز على الأسرع في الوصول والانتشار، سواء المحتوى أو الوسيلة التي تنقل عليها، سواء موقع من مواقع التواصل الاجتماعي أو وسيلة إخبارية، إذا اخترت مواقع التواصل الاجتماعي فالأفضل يكون الفيديوهات والصور، لأنها تصل أسرع وتترك أثرا باقيا في العقل لما تمت مشاهدته، وبالتالي يكون تأثيرها أقوى، وتجعل الشخص يرغب في معرفة المزيد أو متابعة ما يحدث، وهنا يجب التركيز أيضا على إرفاق مقالات وأخبار واحصائيات وأخر ما يحدث، حتى تدعم ما يشاهده الشخص بالأرقام والدلائل.