هل هنالك علاقة بين الإبداع والأمراض النفسية؟

 هل هذا صحيح برأيك؟ هل يمكن لهؤلاء أي من يصاب بأمراض عقلية أن يبدع؟

يقال أنه يوجد ارتباط بين الجنون والإضطرابات النفسية والفن أو الإبداع بشكل عام، وينسب البعض هذه العلاقة إلى درجة الوعي الإدراكي لدى هذه النوعية من البشر، ذلك الإدراك الذي يجعل المبدع والفنان ينتبه إلى كل تفصيلة ضئيلة.

من ناحية أخرى أعتقد أن الإختلاف هو العامل الرئيسي لهذا، فالمبدع لم يكن ليكون مبدعاً إن لم يفكر بشكل مختلف ويخرج خارج الصندوق الفكري والإجتماعي، هو مبدع لأنه مختلف ومجنون لأنه مبدع !

وهذا مرتبط بتعريف الجنون، فمثلاً في رواية فيرونيكا تقرر أن تموت، تم تعريف الجنون على أنه مرادف للإختلاف، أي أنه عندما يرى الشخص شخصاً آخر مختلف عنه سيسهل عليه اتهامه بالجنون والإضطراب النفسي واقتبس منها :

"كل من يعيش في عالمه الخاص يكون مجنونا. كالفصاميين أو المضطربين عقليا أو المهووسين. أعني الأشخاص المختلفين عن غيرهم..".

وغالباً ما تفضل هذه الفئة من الناس، أي المنتسبين للمجالات الإبداعية الإنزواء وتبني حياة وعالم خاص بهم بعيداً عن أي تفاعل أو إطار اجتماعي، مجرد مساحة حرة، وقد يكون هذا من أهم أسباب إصابتهم بمثل هذه الإضطرابات أو على الأقل اتهامهم بها.

كما يوجد أيضاً بعض الإضطرابات الوراثية التي يوصف أصحابها بتفوقهم العقلي وذكائهم بينما تبقى قدراتهم الإجتماعية أدنى من الأشخاص العاديين كمتلازمة اسبرجر التي يطلق عليها لقب "مرض العباقرة" والتوحد.

هل هذا صحيح برأيك؟ هل يمكن لهؤلاء أي من يصاب بأمراض عقلية أن يبدع؟

أعتقد أنه توجد هنالك روابط معقدة بين الابداع والصحة العقلية. قد يكون بعض المبدعين مصابين بأمراض نفسية، لكن ليس بالضرورة أن تكون الأمراض النفسية هي سبب الإبداع. العلاقة تختلف من شخص لآخر وليست قاعدة ثابتة.

في حين نجد كذلك أن المفاهيم تختلف من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى مجتمع! فهنالك من يربط الجنون بأنه نوع من الإختلاف والتميز، وهنالك من ينكر ذلك.

في الواقع، هنالك مغالطة شهيرة في مثل تلك الحالات وهو أن تزامن حدثين لا يعني أن أحدهما مسبب للآخر.

فتلازم الاضطرابات النفسية مع الإبداع والعبقرية عند بعض الأشخاص لا يعني بالضرورة أن العبقرية هي وليدة الخلل النفسي. فكما أن هناك أمثلة لأشخاص مبدعين ولديهم مشاكل نفسية، هناك على النقيض أمثلة لعباقرة يتمتعون بنفوس سوية وصحة عالية. مما يجعلنا نستنتج أن العبقرية ليست وليدة الجنون.

وعلى الجانب الآخر، إذا فرضنا وجود ترابط بين العبقرية وسوء الصحة النفسية، فلماذا افتراض أن المسبب هو تدهور الصحة النفسية والنتيجة هي العبقرية. لماذا لا نأخذها بالعكس؟ من الممكن أن تكون العبقرية تجعل الشخص متفردا ولديه نظرة مختلفة عن أقرانه مما يصيبه بمشاكل نفسية.

يؤثر الاضطراب النفسي على نوعية حياة الفرد وقدرته على الابداع، فهم يعانون من تحديات شديدة في التركيز والتنظيم والتفاعل الاجتماعي ، إلا أن هذا الإبداع الذي يصدر عنهم ليس إلا طريقة للحرب من الألم النفسي الذي يعانونه وسيلة للتعبير عنه.

جميعا نعرف ان كل انسان هو مميز ومتفرد بذاته وأن العقل البشري شديد التعقيد والاختلاف عن أي عقل اخر مهما تشابهت الصفات الاخرى لذا فليس كل مضطرب نفسي مبدع بل يكون ذلك حسب الفروق الفردية التي كان يتمتع بها قبل الإصابة أو التي ولد بها .

اخيرا يستوجب دعم جميع الأشخاص الذين يعانون صعوبات واضطرابات نفسية وعقلية وأنه لايوجد علاقة قائمة بين الاضطراب النفسي والإبداع على الاقل لم يتم إثبات ذلك حتى الآن.

الفكرة في التعرّض، حيث أن الارتباط بالفن كمصطلح بصفة عامة قد يكون سببًا في عدّة حالات في أزمة الضغط النفسي، وذلك لأن النظرة الخاصة بالواقع لدى الفنان تكون نظرة واقعٍ مغايرٍ إن صحّ التعبير، وبالتالي لا يمكننا أن نضع الأمر في الحسبان. لا يسعنا أن نتعامل مع الفكرة بنوع من أنواع الملازمة. لكننا في المقابل لن نستطيع أيضًا أن نضمن أن هذه الممارسة لن تؤثّر على صحتنا النفسية. أهم شيء هو أن يعتني الفرد بالتواصل مع المختصين طيلة الوقت للحد من أي احتمالات ممكنة.

هل هنالك علاقة بين الإبداع والاكتئاب والأمراض النفسية؟

قرأت من بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والفصام والاضطراب ثنائي القطب هم أكثر عرضة للإبداع من الأشخاص الذين لا يعانون من هذه الاضطرابات.

ولكن الإبداع ليس علامة على المرض العقلي. هناك العديد من الأشخاص المبدعين الذين لا يعانون من أي اضطرابات نفسية.

الإبداع هو هديةو طريقة للتواصل مع العالم من حولك والتعبير عن نفسك.

هل يمكن لهؤلاء أي من يصاب بأمراض عقلية أن يبدع؟

لماذا لا وعندنا أكبر مثال وهي الكاتبة الأمريكية سيلفيا بلاث. عانت سيلفيا من اضطراب نفسي حاد وقامت بمحاولات انتحارية عدة قبل أن تنتحر في سن مبكرة. رغم التحديات النفسية التي واجهتها، كانت سيلفيا من الكتابات المشهورات والموهوبات في جيلها. روايتها الشهيرة "الجرس يدق لكِ" ومذكراتها كانت لها تأثير كبير على الأدب العالمي ، ومما لها تأثير علي ، وأحب قرأتها