مررتُ بتجربة شخصية قد تبدو صادمة جدًا للبعض ولكن اعتقد أن الكثيرات قد عانين منها في وقت ما ، وهي فكرة أن المرأة ليست بحاجة للعمل في عمر صغير طالما لديها رجل يصرف عليها، أب أو زوج أو عائلة، ورغم أني درست طول حياتي بهدف العمل، وجدت نفسي بعد إنهاء الدراسات العليا عاجزة عن الانطلاق نحو العمل بالقوة التي وقعت أن أكون بها وأنا في الجامعة، بعد مراجعة طويلة لذاتي، أدركت أني كنت متشبعة لا شعوريا بكم مهول من الأفكار المجتمعية التي ترسم المرأة بأنها غير محتاجه للعمل ، أن مهمتها هي البحث عن من يحتويها ويصرف عليها وتبيعه حريتها مقابل ذلك، وأنها في أمان طلما هناك من يتكفل بها ماديا.

السؤال لماذا يمكن أن تتحكم فينا فكرة رجعية كهذه رغم أني ضدها في الواقع وجهزت نفسي طوال سنوات لأكون عكسها؟

يسمى هذا في علم الجينات بانتقال الميمات، التي عناصر ثقافية وأفكار نتتقل من شخص لأخر بطريقة معدية لا شعوريا عبر انتقاء ما تجذب اهتمام الأفراد وتناسب احتياجاتهم ورغباتهم أو البيئة التي تربوا فيها، عندما يتم تبني ميمة من قِبَل شخص ما، يقوم بنقلها ونسخها لآخرين من خلال التواصل اللفظي، الكتابي، او حتى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

يفترض تشالز دوكنز صاحب هده الفكرة في كتابه الجين الأناني، أن الـأفكار ذات طبيعة فيروسية نتقل بالكلام وتثبت بالتقاليد والعادات دون أي جهد أو وعي شخصي، والغرض الأساسي من ذلك هو حماية تقاليد الجماعة وبالتالي ضمان استمرارها، فكل شخص منا يتلقى كمية من الميمات التي سوف يطبع بها وتأثر فيما بعد على سلوكه وطريقة حياته، سواء كانت هذه الميمات فكرة حول لباس أو موسيقى ـأو فن أو طريق تواصل..الخ .

وهذا هو سبب تأثرنا بما نشاهده، فتقليد شخصية فيلم معين، أو التفكير على طريقة كاتب أو روائي سببها عدوى ميمية منه، لذلك يمكن الجزم بأن كل أفكارنا في مجملها ليست سوى عدوى من أخرين، وأننا لا نملك جزء كبير من فكرنا، ولسنا أحرار فيما نفكر فيه، لذلك يقول علماء النفس نحن لسنا أفكارنا وهذا صحيح فعاليا.

هل تؤيد فكرة الميمات وعدوى الأفكار؟ هل تعتقد أن هناك طريقة للتفادي هذه العدوى؟ أخبرنا عن تجاربك في تلقي أفكار وتقبلها مع أنك كنت لا تعارضها من قبل؟