العقل البشري محيّر!

واحدة من أكبر الألغاز حول الدماغ البشري هو كيف يعمل أصلًا! خصوصًا عندما تُطلق معظم الخلايا العصبية الاشارات الكهربائية 10-20 مرّة في الثانية، أو 200 هرتز كحد أقصى.

في علم الأعصاب، هناك قاعدة اسمها قاعدة المائة خطوة، أي كل عملية في الدماغ تنتهي في 100 خطوة بشكل مثالي، مهما كانت الأشياء في عقلك، مهما كان في بالك، يجب أن تنتهي كل عملية دماغية وكل فكرة في 100 نبضة كهربائية كحد أقصى.

لو استمررنا في التخيّل، لو كنتَ ستبرمج حاسوبًا، ولديك فقط معالجات تعمل بـ 100 هرتز فقط، وهذا قليل جدًا بالمقارنة مع المعالجات اليوم، ستحتاج إلى مئات البلايين منها لانجاز فكرة واحدة فقط.

يجب أن تلجأ إلى حل يخفّض تكلفة هذه المعالجات!

إذا كنت بحاجة حقا لكتابة برامج ينجز الفكرة بمليار معالج بتردد 100 هرتز، فإن أحد الحيل التي ستستخدمها بكثرة هو التخزين المؤقت، أو الـ Cache.

هذا عندما تخزن نتائج العمليات السابقة وتبحث عنها في المرة القادمة، بدلاً من إعادة حسابها من الصفر. تماما كالذي يحدث في متصفّح هاتفك أو حاسوبك.

من المحتمل أنَّ أغلب ما نفكِّر به كبشر هو ناتج من البحث في التخزين المؤقّت!

عادة نحصل على هذا التخزين المؤقت من خبراتنا، ومن خبرات الناس حولنا التي تتسرّب لنا منهم من التعاملات اليومية.

غالبًا لا يجد الناس الوقت الكافي للتفكير بعمق بأفكارهم الخاصّة. إذا تم تربية شخص في عزلة، لنقل مثل ماوكلي في غابة بين الدببة والنمور، سيكون تفكيره مختلفًا جداً، ولن يكون لديه المعرفة الشائعة التي نكتسبها من المجتمع.

من المستحيل على شخص واحد أن يتعلم ويفهم كل شيء تعلمته البشرية على مر القرون.

نحن نكرّر الأفكار الشائعة لدى الناس، حتّى لو لم نفكّر بها بشكل عقلاني، ألا تلاحظ تعليقات مواقع التواصل المكرّرة على حدث سلبي؟ "البشر لا يستحقون العيش" أو "كل عام نسير نحو الأسوأ" إلى غير هذه من التعليقات.

تعال لبعض العبارات الشائعة:

الحب جنوني، الحب غير عقلاني.

عندما نقول هذه العبارة، هل نتحدّى أنفسنا لننظر لهذه الجملة بشكل نقدي؟ هل الحب غير عقلاني دائمًا؟ هل يمكن أن تكون هناك جوانب عقلانية للحب؟ هل نعتقد أن الحب غير عقلاني فقط لأننا سمعناه بهذه الطريقة كثيرًا؟

إذا كنا قد جئنا بهذه الفكرة بشكل مستقل، لو قلنا الحب غير عقلاني ولم يكن هذا شائع بين الناس، ربما كنا سنفحصها بشكل أكثر دقة. ولكن بما أنها معتقد شائع، من المحتمل أن نقبلها كما هي فقط لأنّ الناس يردّدونها.

إذا حاولت أن تتغلّب عن المغالطات المنطقية، أو تبدو أذكى قليلًا (ولعلّه أبطأ في المحادثات) أوقف عقلك عن ملء هذه المعتقدات تلقائيًا، وحلّل هذه الأفكار المخزَّنة بشكل نقدي!