أطلق العرب قديماً كلمة "الثقافة" و أرادوا بها الحذق و المهارة و كذلك كل مشتقاتها تدور في غالبها حول ذلك المعنى و معانٍ أخرى كالتقويم و الإصلاح و سرعة التعلم وذلك بحسب المعاجم العربية ، ثم أخذت الكلمة تطوراً في مطلع القرن العشرين حتى استقرت اصطلاحاً على كل ما يتعلق بالمعرفة و العلم و التفكير بناءً على القاعدة المعرفية .

و نظراً لقلة التعليم في الوطن العربي مطلع القرن العشرين نشأت طبقة أطلق عليها الطبقة المثقفة ، و كان مما استقر في الوجدان العربي أن الطبقة المثقفة و المتعلمة هي المنوط بها النهوض و حمل مشاعل النور لإضاءة الطريق للأمة نحو التقدم و الرقي و الإبداع ، وظل الحال كذلك مدة من الزمن فالطبقة المثقفة تسعى جاهدة نحو تحقيق آمال الأمة المعلقة عليها و الأمة تتابع و تترقب نتائج الإبداع المنتظر و التقدم المنشود ، ثم بدأت الأيام تتوالى و تسارعت خطى البشرية نحو الميكنة بأشكالها المتعددة و حلت الآلة محل البشر في مجالات عدة .

ثم ها هي البشرية تحط رحلها في آخرة المحطات التي وصلنا إليها و بزغ فيها نجم "الذكاء الاصطناعي" مؤذناً ببداية عصر جديد يتجاوز حدود استبدال المجهود البشري بتلك الآلات، فبدأ يستبدل العقل البشري بعقل آخر صناعي يتعلم و يفكر و يبحث و يحلل ، و بدأ مع هذا العصر الجديد سؤال ملحٌ حول الثقافة و المثقفين و مصيرهم !!

ما هو دافع الأجيال القادمة لكي تتسابق في مضمار الثقافة و العلم إذا كان الذكاء الاصطناعي قادر على حل المشكلات و إيجاد البدائل و الفرص ؟!