استوقفتني قبل مدة مقالة عن أهمية الراحة النفسية والاستعداد المسبق للقيام بمهام معينة أو تحقيق أنجازات هامة، كنت أقرأها وعقلي يملي عليا بعض الأفكار المنافسة من الضفة المعاكسة، فأنا بطبعي شخصية تميل للابداع في حالات الضغط، وبل وتميل إلى خلق تحديات جديدة وحاولة التغلب عليها وتحقيق إنجازات أحسن ،في بعض الاحيان احسن مما ينجزه غيري في ملاعب راحتهم، ولطالما كان هذا يثير استغراب الكل، بل وكنت أُتهم بالطيش في بعض الأحيان، إلى أن وقعت على دراسة تربط بين الابداع والضغط، وصادف أن استمعت الى بودكاست للطبيب النفسي الكويتي يوسف الحسني، يشرح فيه أهمية الضغط ووضع الخطر في نجاحاته، وبالتحديد في نجاح كتابة التأسيسي" عقدك النفسية سجنك الأبدي".

علاقة الشعور بالاخطر بالابداع والنجاح، هي علاقة غريزية في الأساس، ممتدة من غريزة حب البقاء، لكن هذه الأخيرة لا تستثار الا في حال وجود خطر خارجي معروف، كالخوف من تهديد وجودي من مفترسين او ظواهر طبيعية مثلا، وهذه المسببات أصبحت شبه منعدمة اليوم بفعل انفصالنا عن الطبيعة، لذلك يقول علماء النفس بأن هذه الحالة يجب أن تُختلق ويتم تصديقها والايمان بها، من خلال اما خلق عدو خارجي أو داخلي ، يوفر هذه الحالة اللامستقرة من عدم الأمان .

يتفق معظم الخبراء النفسيين أن من غير الصحي على العقل او النفس خلق عدو خارجي، وأن تم ذلك أن يكون مؤقتا فقط، وبدل من ذلك يجمع الجميع على خلق عدو داخلي، الذي يحب البعض تسميته الأنا أو الأيغو او النفس الأمارة بالسوء..الخ.

على الناحية الأخرى سنجد طائفة قليلة من الدارسين من يحاولون هذا الوضع غير المريح بدافع حب الذات وليس خلق عدو داخلي او خارجي، فيكون وضع الذات في خطر دايم ودفعها للانجاوز المستمر والقسوة عليها، حبا في مصلحتها وإثبات لاحترامها واعطاءها القيمة التي تحتاجها، وهذا توجه شبه صوفي عموما، لكنه يبدوا الأحسن رغم أن فيه مشكلة كبيرة وهي مشكلة الاستمرارية وقابلية الفكرة للتطبيق على المدى البعيد.

في رأيك هل وضع الذات في وضع الخطر من اجل دفعها للانجازات أكثر أمر صحي بالفعل؟ ام أن الابداع والنجاح يحتاج الى ريتم مريح ومتوازن؟ هل القسوة على الذات بدافع حبها وتقديرها منطقي؟ هل تفضل الوضع الخطر أم الوضع الآمن؟