قال الزهاوي منكراً على الإنسان اغتراره بعقله وزعمه القدرة على الإحاطة بالأرض فضلاً عن السماء:

وما الأرض بين الكائنات التي ترى........... بعينيك إلا ذرة صغرت حجما!

وأنت على الأرض الحقيرة ذرة ............. تحاول جهلًا أن تحيط بها علما!

فالإنسان مخلوق ضعيف، علمه قاصر بقصور عقله؛ فعليه أن يتواضع. غير أن علماء وكالة ناسا كان لهم رأي آخر. فقد أرسلوا السفن الفضائية تمخر أجواز الفضاء بحثاً عن كائنات عاقلة واعية مثلنا!! أي غرور هذا بربكم؟!! قرأت هذا في كتاب ( اقرأ أي شيئ ) لأنيس منصور: أرسلت هيئة الفضاء الأمريكية سفينة فضاء ( فو ياجير) من سنوات في طريقها إلى الطريق اللبني وفي هذه السفينة معلومات صوتية و لونية عن سكان الأرض...رسم لرجل وامرأة...وخريطة لموقع الأرض....ولوحات لكبار الرسامين...وتسجيلات لجميع لغات الأرض بما فيها اللغة العربية...وصور لكل أجناس الإنسان وكل مراحل ميلاده ونموه وموته...وكل أنواع طقوس الإنسان في الأكل و الشرب والرقص و العمل و الصناعة....

تأكدت لي المعلومة وبعد أكثر من أربعين عاما، فإن السفينة فوياجير تمخر الفضاء الخارجي إلى ما شاء الله!! لم ينقض عجبي من فضول الإنسان وقد أنفق المليارات أيضا على مسبار جيمس ويب ليمطرنا بصور عن مجرات لم نكن نعلم عنها شيئا!

قلت لصاحبي: أليس هذا إسراف وجنون فيما لا ينفع ولا يضر؟! ماذا كان سيضرنا أو ينفعنا اوجدت كائنات عاقلة أم لم توجد؟! أما كان من الأجدى انفاقها على فقراء الأرض وتأمين حاجتهم من الطعام والكساء والدواء؟

قال: لو كنت مثلهم لفعلت فعلهم...ميزة الإنسان الكبرى ذلك الفضول الذي لا يكف عن التساؤل.....لو فقدها الإنسان لانهار الحد الفاصل بينه وبين الحيوان...ثم إنً علماء الكونيات معذورون....فقطر الكون ( المعروف لنا فقط حتى الآن) 93 مليار سنة ضوئية!!!....عقولهم تأبى عليهم أن يكون الكون الهائل هذا لا يحوي كائنات عاقلة واعية غيرنا....أرسلوا سفن الفضاء لعلهم يعثرون علينا ويتصلون بنا يوما ما...

قلت: مستحيل.. هذا في الخيال العلمي فقط...

قال: وهل الخيال العلمي إلا بعض تصور الإنسان عن نفسه وعن الكون؟!..... وكثيرا ما يصدق....

ثم أردف يقول: وهل هناك مانع عقلي يُحيل ذلك؟ بالطبع لا، فمليارات العوالم والمجرات والكواكب تشي أنها تحوي حياة عاقلة مثلنا....

قلت منفعلاً: ولكن لا أستوعب وجود كائنات عاقلة مثلنا.... لا أستطيع...!!

قال مبتسماً: إذن، ابن عباس أرحب منك أفقاً وأوسع منك عقلاً حين قال: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم ، وآدم كآدم ، ونوح كنوح ، وإبراهيم كإبراهيم ، وعيسى كعيسى تفسيراً للآية: الله الذي خلق سبع سموات و من الأرض مثلهن....

تركت صديقي وكلي حيرة متسائلاً: إلى ماذا ينتهي ذلك الفضول الإنساني؟ وهل هو مبرر؟ وهل تلك الكائنات حرة مكلفة مثلنا أم مقهورة مسيرة؟ هل نزلت إليهم رسالات السماء مثلنا؟ هل يأكلون ويشربون أم كيف يحيون؟!!