بسم الله الرحمن الرحيم

 الشخصية العدوانية

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد,,,

الشخص العدواني الذي يُظهر عدوانيته ضد الآخرين من غير سبب ويحقد ويغضب ويحنق على الآخرين من غير سبب يدعوا إلى الحقد عليهم إنما هو كمن فقد انسانيته وتحوّل إلى ثور هائج أو إلى سبع ضّاري لا يفرّق بين صديق وعدو, وصاحب الشخصية العدوانية في الغالب لا يفرّق بين التعامل معه بطريقة حسنة أو التعامل معه بطريقة سيئة فهو في كلتا الحالتان سيستشيط غضباً وقد يبدأ بالشتم وحتى الضرب لا لشيء سوى لأنه يريد من الآخرين أن ينزلوا إلى مستواه المتدني ويصبحوا مثله اشبه ببهائم هائجة أو وحوش ضّارية.

فمن ابتُلي في حياته بمثل هذه الشخصية العدوانية فقد يستطيع أن يسأله إذا أمن شرّه هل تحب أن يتهجم أحد على أمك أو زوجتك أو ابنتك في عملهن ويروّعهن؟

 كما فعل هو مع الموظفات اللواتي تعامل معهن من قبل وقام برفع صوته عليهن وشتمهن حتى افزعهن, ثم ليسأله بأمثلة عن كل موقف اظهر فيه عدوانيته دون أن يُشعره بأنه هو المقصود فليغيّر في الأحداث قليلاً حتى لا يعرف نفسه ثم ليسأله كيف يرى مثل هؤلاء العدوانيين وكيف كان سيتصرف معهم لو أنه حضر حوادثهم العدوانية فإن اظهر غضبه عليهم فليخبره أن كل هؤلاء العدوانيين هم في الحقيقة هو نفسه وإنما قام فقط بتغيير أماكن المواقف وتغيير أسماء ضحاياه وغيّر اسمه هو نفسه وغيّر بعض جوانب الموقف ولكنهم كلهم هو نفسه.

ثم ليضرب له الأمثال فيقول له: تخيّل أن رجل سعيد قد وُلد له ابن بالأمس وقد ملئته السعادة هو وعائلته بالفرد الجديد في العائلة ثم وحدث أن تقابل بطريقة ما مع شخص عدواني فاصطدم به خطئاً أو لأن الشخص العدواني أطال الحديث مع البائع مما اضطر الأب لأن يطلب منه الإسراع أو أن يدع البائع يحسب له مشترياته أثناء حديثه معه أو لأي سبب آخر تافه فما كان من العدواني إلّا أن بدأ يستفزّ الأب ليدخل معه في شجار وكلما حاول الأب أن يبتعد عن طريق هذا العدواني انهال عليه بالسب والشتيمة حتى افسد عليه أحسن لحظاته فكيف سيرى نفسه لو كان هو مكان هذا الأب ثم ليضع نفسه مكان أبناء هذا الأب وليحاول أن يتوقع كيف ستكون ردود أفعالهم وكيف إنهم سيحقدون عليه ابد الدهر لتجرّأه على والدهم وتواقحه معه.

فإن أجاب قائلاً: وكيف لي أن أعرف إن كان قد وُلد له ابن بالأمس وكيف لي أن أعرف بظروف الناس؟

فليجيبه قائلاً: هذا ما أريد أن اوصله لك وهو أن كل أمرؤ لديه ظروف تخصّه لو عرفها اشد الناس عدوانية ما كان ليتواقح معهم مهما كانت الأسباب ولقد قال افلاطون من قبل (كن لطيفاً, لأن كل شخص تقابله يقاتل بشراسة في معركة ما).

بإختصار يتم وضع الشخص العدواني أمام حوادث العدوانيين ليراها من منظور محايد ليتفكر في نفسه وفي عدوانيته اتجاه الآخرين لعل ذلك يريه قباحة وجه العدوانية من غير سبب...هذا والله أعلم.