الكتابة مهنة من دون سن تقاعدي لان الانسان الكاتب هو انسان فنان بطبعه ولم يكتسب هذه الموهبة بالممارسة والتعلم بل هي غريزة في داخله وهبة ربانية .. لذلك فانه لا يستطيع ان يستقيل من هذه المهنة ولا ان يعتزل الكتابة .. فالكاتب يكتب ليعيش لا اكثر .. فيمكنك ان تجد طبيب متقاعد وعسكري متقاعد و موظف متقاعد لكن من المستحيل ان تجد فنان متقاعد او كاتب متقاعد او شاعر متقاعد .. فأينما يكون الادب والكتابة يكون الكاتب واينما يحل الجمال يحل معه الكاتب . .

هذا الانسان الفنان الذي طوعت له الكلمات... هو كائن فريد و مختلف ففي كل مجموعة من البشر لابد ان يكون فيهم من يكتب فهو الذي يتكلم عند ما يصمت الجميع وهو الذي يترجم المشاعر والاحاسيس ..

اعلم جيدا ان الكل يشعر بعظمة الكاتب وندرته و أفضليته لكن في هذه الازمنة يموت الكاتب ويقتل قبل ان يحاول الكتابة او التحدث .. في هذه الازمنه الكاتب ليس له اي قيمة ولا للاعمال الادبية قيمة لتعطى ففي هذا الزمان اصبح الأدباء يكتبون وهم يعلمون نسبة نجاحهم المحدود فهم يكتبون ويلعنون الزمن الذي جعلهم يعبرون في زمن لا قراء فيه و يثورون في زمن لا ثوار فيه و ينزفون الكلمات في زمن يباع فيه دم الشعراء بالمجان ..

ولا يمكن للكاتب ابدا ان يتجاوز هذه الافكار المأسوية لانها حقا تحمل معه الوجه الحقيقي للبشرية

وحتى وانا اكتب الآن اعرف جيدا محدودية القراءات والتفاعلات والردود ولكنني اكتب فقط لأخرج هذه الكلمات من تفكيري الثائر الى العالم الصامت علها تجد صدها ...

وانا وبكل ماقلته عن الشعراء من تعابير و تمجيد لم أكن أضلم هذه التعابير بل كنت أظلم الكاتب لانه وبكل ما أوتيت اللغة العربية من تنوع وثراء تقف صامتة امام عيني الشاعر وامام كلماته

وييقى الكاتب فوق كل التعابير وفوق كل الكلمات و تقف كل المهن صامتة امام مهنة الكتابة لانها يا سادتي مهنة العظماء لا غير ..