نشرتُ في نقد انستغرام ريلز قبل فترة:

لكنِّي حين أعود للمنزل، أجدها قد نشرَت على الإنستغرام فيديو ريلز يجمّع لحظات ليومها في الكلّية، فإذا بمحاضرة الساعتين المُملة تُختصر بصورة لطيفة هزّازة لباب الردهة تقرأ "الطابق الثالث عشر - جراحة العيون" وكذلك فيديو سريع يبدو جذّابًا لعتبة غرفة محاضرات النظري تقرأ "قاعة إبن حيّان" والحقُّ أن المحاضرات في هذه القاعة لو قُرِئت على إبن حيّان نفسه لأفاق وأطفأها وعاد لموته.

فكرتي الأساسية من هذا النقد كانت أنَّ هذه المقاطع تنقل صورة مغلوطة عن الواقع. لم يكن اليوم ممتعًا حتّى مزجنا بعض ثوانيه ببعضها بتصوير جميل وموسيقى جذّابة.

أمّا اليوم فلي رأي أحدِّثه على هذا المقال، نعم هذه الريلز تغيِّر من صورة الواقع الذي نعيشه، لكن ألا يصنع الفنّ هذا؟ ما قيمة الدنيا إن عشناها على نفس ما هي من الجمود؟

غيّرتُ رأيي حين رأيت أحدى زميلاتي، وهي على ما هي من وسن الجفون، وحور العيون، وميلان الغصون، تخلِّد فترات حياتها بطريقة فنِّية بارعة.

هي تنشر مقاطع الريلز بعد كل فترة معيِّنة تمرُّ عليها، مثلًا بعد نهاية الكورس الأوّل من المرحلة الخامسة، بعد اكمال روتة الجراحة العامّة لشهرين وهكذا.

أجدني منجذبًا للمقاطع (هششش.. لم أقل للفتاة!) لأنّك تشعر حقًا أنّ هناك أمورًا حدثت، هناك أيّام متنوعة ما بين اليأس والأمل، الفوز والخسارة.

لو قارنّا بين الأيام والفترات، فالفترة هي أطول، وهناك احتمالية أكبر فعلًا لحدوث أشياء جيِّدة نستحق أن نحتفظ بها ونتذكّرها.

أمّا حين نصوّر كل يوم، فبعد الوقت الزائد الذي نصرفه في تصوير وتعديل وانتاج هذه المقاطع، والردّ على التفاعلات، هناك شيء آخر يجري في نفوسنا: نتعوّد على تقديس الأيّام وكلّ توافه الأحداث، نتعوَّد أن نُبالغ في كلِّ تفصيلة تحدث لنا، نتعوّد أن نعيش في الماضي بدلًا من أن نطوي عليه الصفحات.