نسمع كثيرا من يظن نفسه عاقلا ومنصفا أنه إنسان محايد، وهو يظن بهذا أنه يعمل على كسب قلوب الناس ، بل يصنف نفسه من الحكماء ؛وهو لايدرك أنه جعل نفسه بهيمة لاتعرف إلى أين تتجه تتخبط هنا وهناك .

فالله عز وجل خلق جنة ونار هما مصير البشر فبعدله ورحمته يدخل عباده إما جنة وإما نار ،فلم نقرأ مكانا وسطا بينهما لمن يسمون أنفسهم محايدون .

وجميع الأحداث التي حدثت مع الأنبياء وأقوامهم إما تابعون مصدقون وإما ناكرون ومكذبون فلم نقرأ عن أناس محايدين  قد عفا الله عنهم .

والمعارك التي تخوضها الجيوش لابد أن تسفر عن منتصر ومنهزم مهما كانت الأحداث التي جرت بينهم.

ولو تأملنا هذا في كل المواقف التي جرت معنا أو سمعنا بها لخرجنا بيقين تام أن لاحياد في الحياة على الاطلاق .

فنحن البشر في موازين العدل إما مذنبا وإما بريئا . 

ومجتمع المدينة في عهد النبوة ظهرت فئة ثالثة ليسوا مسلمين ولا كفار سماهم الله عز وجل المنافقون هذا دليل قاطع أن على الإنسان أن يسير في طريق محدد واضح في موقفه وكلامه وتصوره وعلاقاته .

وقد يقول قائل ماذا لو دب نزاع وخلاف بين اثنين وكلاهما عزيز ولا أريد فقدهما أليس عليّ الصمت ! الصمت لايعني الحياد بل التريث في فهم عمق الخلاف وكيف يمكن الجمع بين وجهات النظر . 

بل الحياد الذي يتوهم البعض أنه ملتزم به قد يعين الشيطان على الظالم والمظلوم فيزيد غضب الأول ويزيده غبنا وظلما فقد اجتمع عليه ظالمان ،

ويظن الثاني أنه على حق فيزيده الشيطان عنادا وتجبرا وتمسكا برأيه وتماديا.

فالظلام الذي يمثل الظلم والغموض والنور الذي يمثل الحق والوضوح وبينهما

ضوء خافت جدا يجعلك في ارتياب وحذر وأكثر تلفتا لا تعرف مالذي سيظهر لك .