لا احد يهتم بالمريض بقدر المريض نفسه

المريض يجب ان يعرف تفاصيل التفاصيل عن مرضه, ما سبب المرض وما هي الية الخلل وما هوالعلاج وكيف يعمل وما هي موانع الاستخدام والفحوصات اللازمة وقراءة الفحصوات…الخ

في كل أزماتي والنكسات الصحية التي حدثت لي ألجأ إلى جوجل للتعرف حول ما يحدث لي، ما هي طبيعة المرض الذي أعاني منه؟ ما هي أعراضه؟ هل له علاج؟ ما هي الادوية التي يفضل أن أحصل عليها للتعافي من المرض، لكن أحيانًا قد نهوّل من الامر و ويذهب تفكيرنا إلى ما هو أبعد مما نعاني منه، مثلا أننا نعاني من أمراض خطيرة أو أن ما نعاني منه الان قد يتفاقم مستقبلًا، في فترة ما من هذا العام عانيت من مشاكل في المعدة، وعندما قرأت عمّا أعانيه بدأ تفكيري يذهب إلى مرض سرطان المعدة وهكذا. لهذا البحث عبر الانترنت عن وضعنا الصحي قد يؤثر سلبًا على نفسيتنا. بالطبع علاوة على ذلك ليس كل ما يعرض على الانترنت صحيح، لهذا لا شيء يحل مكان الطبيب، أي نعم هنالك أطباء قد يخطؤون ولكن الامر نسبي.

أنا مع ان يكون المرض أو حالة المريض الصحية واضحة بالنسبة له من قِبل الطبيب وأن لا يزوده بمعلومات مُبهمة عن مرضه وحالته الصحية العامة. ولكن لا أتفق مع كون المريض بحاجة إلى اللجوء إلى الإنترنت في فهم مرضه بشكل كامل، لأن الإنترنت لا يمتلك كل المعلومات الصحيحة، قد يعرض لك نفس الأعراض التي تعاني منها ويشخصه كمرض خطير ولو زرت طبيب أن يكون التشخيص مختلف تمامًا وبهذا أنت أثرت على حالتك النفسية فقط لا أكثر فمن المهم الحذر من الإنترنت أكثر عند استعماله في مثل تلك الحالات الصحية.

المريض بالنسبة للطبيب ليس الا شخص يحمل الرقم 10 او 15 في قائمة مرضى اليوم, الطبيب قد يخطيء بسبب السهو او بسبب ضغط العمل او انه مهمل بشكل عام او قليل خبرة وعلم

ليس كل الأطباء يمتلكون نفس النظرة، فالمريض يمثل مستوى نجاح الطبيب وسمعته كطبيب أيضًا لا يمكن المخاطرة فيهم مثلًا، كما أن كثير من الأطباء يهتمون بحياة المريض كأنه أحد أفراد عائلته وتهمه مصلحته بعيدًا عن أي دافع آخر، وبرأيي هذه هي مهمة ودافع أي طبيب يجب أن يكون.

ليس دائما، فهناك فئة من المرضى لا يهتمون بمرضهم أصلا الا بعد تكرار الطبيب لهم خطورة الأمر مرات عديدة ليدركوا الخطورة التي يمرون بها.

مثلا مريض على الرغم من درايته بأن التدخين يصيب الرئة الا أن ادمانه عليه بحيث لا يتمكن من التوقف عنه.

أما بالنسبة للبحث والتقصي عبر محركات البحث، فأرى بأن اليوم أصبح الأمر يسيرا مقارنة بالأمس، اليوم المريض بإمكانه التعرف على مرض سواء عبر دراسات سابقة أو استشارات يقدمها له الطبيب عن بعد أو مشاهدة تجارب المرضى السابقين، ولكن مع كل ذلك لا يمكن الاستغناء عن التشخيص الحقيقي والمباشرة لتعرف عن تفاصيل المرض ومسبباته حتى لا يحدث خطأ في التشخيص.

لا اظن ان ذلك الأمر من السهل حدوثه فى دول العالم الثالث ، فالمريض نفسه لا يمتلك ثقافة ضرورة الإلمام بحالته ، لازال لدينا مريض القلب الذى لا يكف عن شرب السجائر ، ومريض الكلى الذى يرفض التخلى عن عشقه للمانجو ،والقائمة طويلة .

وفكره المريض الذى يهتم بذاته ستحتاج إلى قدر كبير من التغيير فى قضية التعامل مع الطب والمرض .

المريض بالنسبة للطبيب ليس الا شخص يحمل الرقم 10 او 15 في قائمة مرضى اليوم

لا يصح التعميم في هذا الأمر.. أود أن أخبركم أن الإتجاه العالمي للطب الحديث حاليًا يميل إلى التعرف على المريض بشكل أوسع، ولن أبالغ إذا قلت إنه يضع الحالة الاقتصادية ومحل سكن المريض في الاعتبار، وأشياء أخرى قد تبدو أنّ لا علاقة لها بمرضه، ورأيي أنه قد يستغرق الأمر وقتًا ولكننا سنصل لتطبيق هذا الأمر يومًا.

الانترنت يوفر كل ذلك وحاليا باتت معظم الحالات الطبية متوفرة باللغة العربية

الانترنت لا يمكن أن يكون بديلًا للطبيب حتى في الحالات غير الخطيرة، والمحتوى الطبي العربي لا يمكن الوثوق به حتى اللحظة، جرب أن تكتب عن مجموعة من الأمراض على حدة وستجد الكثير من الأعراض التي تتشارك بينها، هل تحاول إقناعي بأنك يمكنك تشخيص مرضك؟.. لا أعتقد أن هذا ممكن.

سأقص عليك قصة، منذ سنين، كان هناك طفل مصاب بمرض نادر لم يستطع الأطباء في هذا الوقت تشخيصه.. عزم والدا الطفل على تشخيص مرض الطفل بنفسهما، فما كان من الأب إلا أن قام بقراءة الكثير من كتب الطب وعكف في المكتبات للتعلم والوصول إلى مرض طفله، وبالفعل تمكن من فعل هذا ولكن الأمر استغرق منه وقتًا طويلًا.. هذه القصة تحولت إلى فيلم.. لماذا؟ لأنها حدث استثنائي ولا يمكن أن يكون الطبيعي أن يشخص المريض أو يعالج نفسه بنفسه.