رافائيل نادال لاعب تنس، يملك أكثر عدد من الألقاب الكبرى حتّى الآن، وفي طريقه ليكون أفضل لاعب في تاريخ اللُعبة. كثير من المحلّلين حينما يصفون نادال، يعرّفونه على أنّه من أقوى اللاعبين ذهنيًا في الرياضة.

لنادال طقوس خاصة عندما يدخل للملعب، فهو يتجنّب أن يخطو على الخطوط البيضاء، يضع حقيبته قرب الكرسي، يُدير وجه الهويِّة التعريفية، ثمَّ ينتظر قرعة بداية المباراة مع الحكم وهو يقفز. بعد إنتهاء القرعة يذهب بخطوات تتسارع تدريجيًا إلى أن يصل إلى مقرِّه في الملعب.

الذي يتابع نادال ويمعن في طقوسه جيدًا، يكتشف كلّ مرة تفصيلة جديدة، نادال حينما يستعد لبداية النقطة، يضع يده على شعره، ثمّ أنفه، ثمَّ كتفه وشورته، بعد انتهاء الشوط يمسك منشفتين، ينتظر منافسه أن يعود إلى كرسِّيه ليعود هو أيضًا، كالعادة بتقديم قدمه اليمين. يضع المنشفة الأولى خلف كرسيه ولا يستخدمها، والثانية على حضنه. يرتشف من زجاجتي المياه الموجودة، ثمَّ يُعيد كلّ واحدة منها إلى مكانها الطبيعي، ويبرِّز تفاصيل "الليبل" الخاص بالزجاجة إلى الأمام.

يرفض نادال دائمًا أن يسمِّي هذه الطقوس كطقوس للتفاؤل أو التطيِّر، وهو يجيب بهدوء على هذه الاستفسارات: "لقد تعوّدتُ على فعل هذا، لو كنتُ أتفائل بهذه الأمور لما بقيتُ أن أفعلها رغم خسارتي بها مرّات عديدة"

الطقوس والقيام بعدد من الحركات المألوفة في كلّ مرة هي من الأمور التي دُرست بكثرة عند العلماء، وكثير من الدراسات أثبتت نتيجة تتكرّر على الدوام: تكرار الطقوس والروتين يقلّل من القلق والتوتّر.

عندما درسوا استجابة المسّنات الصهيونيات، لظروف الحرب مع لبنان التي حدثت في 2006، وجدوا أنَّ اللواتي قمن بترديد بعض الطقوس اليهودية كنَّ أقل قلقًا من اللواتي لم يقمن بذلك.

وفي دراسة على طلّاب الكليات والجامعات أثناء فترة الإمتحانات، وجدوا أنَّ الشعر واللعاب الخاص بالطلاب الذين يقومون ببعض الطقوس المكرّرة يحوي على كورتيزول أقل من غيرهم، والكورتيزول هو هورمون يُفرز عند القلق والتوتّر.

هذه الدراسات قد تثبت بعض العلاقة، لكنّها لا تثبت السببية، لهذا إتجّه الباحثون إلى القيام بدراسات أخرى تعتمد على تثبيت ظروف التجربة، ففي مدرسة كاثوليكية، وجدوا أنّ الطلاب الذين كرّروا تراجيع دعاء مسيحي، كانوا أقل قلقًا ممّن شاهدوا فيلما دينيًا في نفس الفترة.

من النتائج التي أكتشفت في هذه الدراسات وغيرها، أنّ الطقوس تجعل المرء يحاول أن يفرض شيء من السيطرة والتحكّم على واقع يعجّ بالفوضى، وهذا يجعل مستوى التوتّر أقل.

العقل يحبّ أن يبني على أشياء موجودة، ويحب الأشياء المتوقَّعة أكثر من أمور تبدو خارج سيطرته، الطقوس حسب الأبحاث العلمية، تعمل بكفاءة تكاد تقترب من أفضل أدوية القلق والكآبة.