إن غريزة حب الأطفال موجودة في الكائنات الحية والبشر على وجه الخصوص؛ وإن حب الوالدين لأطفالهم يختلف عن حب الأبناء للوالدين. فحب الوالدين غرائزي بدون أسباب؛ وبالطبع توجد استثناءات لكن هذا في العموم. ولكن متى يكون حب الوالدين نقمة؟

في مقال  بعنوان مساومة الأطفال.. افعل ما أريد لأعطيك اهتمامي يناقش إباء أبو طه هذه القضية فيقول:

قد يتوجه الأهل لاستخدام أساليب الحبّ المشروط كجزء من هيمنة الوالدين التي تُفرض على الأبناء، والتي يجد فيها الوالدان وسيلة للسيطرة، وطريقةً لتعزيز التوافق في المشاعر والسلوكيات بينهم وبين أبنائهم، والتي تلعب من -وجهة نظرهم- دورًا هامًا في غرس القيم والمعتقدات.

ويشير في مقاله إلى أن هذا الحب يُعد من صور العنف ولكن في شكل الحب! وأنا أرى أن نوعًا آخر من الحب قد يكون نقمة أيضًا؛ وهو ذلك الحب المبالغ فيه؛ الحب الذي يسلب الإرادة ويدمر الشخصية؛ ويجعل الطفل تابع؛ فتراه في سنواته القادمة ضعيف يعاني من هشاشة نفسية؛ لأنه لم يوضع في اختبارٍ حقيقي؛ فقد كان الوالدين معه دومًا في كل خطوة؛ بدافع الحب بالطبع!

الحياة أكبر من المنزل

غالبًا ما يكون الآباء الذين يغدقون بالحب على أبنائهم مروا بظروفٍ حياتيةٍ قاسية؛ فهم يحرصون كل الحرص على ألا يجعلوا أبناءهم يعيشون نفس الظروف التي كابدوها؛ ولكنهم يتغافلون أن الحياة أكبر من المنزل؛ وأن الأطفال هم شباب الغد؛ وإن مرحلة التربية هي إعداد لخروجهم إلى العالم؛ وتحويل ما تعلموه إلى واقع. ففي الحياة العملية لن يجد ذلك الذي تربى في كنف أبويه من يحنو عليه. وستكون الصدمة عليه كبيرة، وربما يكون ناقم بعد ذلك على والديه؛ لأنهما أسرفا في حبه والخوف عليه. فالحب المختلط بالخوف؛ والذي يمنع الطفل من ممارسة حياته هو من أهم معاول هدم شخصيته.

الحب بين الإفراط والتفريط

إن الحب شعور رائع، والآباء والأمهات يمارسونه بشكلٍ غرائزي؛ كما توجد بعض الحالات الشاذة لقسوة الوالدين لكنها ليست القاعدة الأساس. والإفراط المبالغ فيه في الحب قد يؤتي نتائج عكسية؛ وهنا نسأل أنفسنا سؤال مهم وهو كيف نحب أبناءنا؟ إننا دومًا نحكم بسهولة على الأمر ما دمنا لسنا طرفًا فيه؛ فربما يحكم البعض على أب أو أم وينتقد سلوكهما تجاه صغيرهما، وما إن يرزقه الله بالذرية حتى يصير نفسه الرجل الذي يغدق الحب على فلذات أكباده! 

إن الحب لا يعني أن نسلبهم عقولهم وأفكارهم، أو أن نصنع منهم تابعين؛ لذلك يجب أن يكون الحب معتدل؛ وأن نترك لهم قدرًا من المسؤولية والتعلم من الأخطاء، وبالطبع ليس الإهمال حتى يكابد المخاطر بنفسه؛ لكن الأمور البسيطة التي تغرس فيه قيمة تحمل المسؤولية. 

وما يجب أن نركز عليه الآن هو قضية الجهل التربوي بشكلٍ عام وليست مسألة الحب فقط؛ فهل تجد أن سبب الجهل التربوي يعود إلى الفرد أم المجتمع؟! وفي نظرك ماذا يفعل من ينتظر طفل ليتمكن من تربيته بشكلٍ صحيح؟!