حياتنا عجيبة للغاية؛ فدائمًا ما تتبدل الأدوار؛ فأكون ناقدًا يومًا وبعدها أصبح ممارسًا لفعلٍ كنت أحسبني بعيدًا عنه؛ وأظن أني لست هذا الشخص. ولكن مع مرور الوقت؛ اتضح لي أننا كلنا ذلك الشخص؛ ولكن لماذا يحدث ذلك؟!

أرى أن الأمر له عدة عواملٍ مختلفة؛ وبناءً على تفكيرٍ طويل في هذا الأمر؛ فقد خلصت إلى سببين هما الأبرز في نظري:

  • غلبة العواطف

أحيانًا تغلبنا العواطف؛ فإذا كنت انتقد مبدأ الغش في الامتحانات مثلًا؛ فإن الأمر إذا تعلق بأحد أخوتي أو ولدي؛ فالبعض يرسب في هذا الاختبار؛ وحينها يختلق المبررات؛ التي تعفيه من المسؤولية؛ والتي تجعله ينسلخ عن شخصيته السابقة.

  • لم نقع في الاختبار بعد!

الكثير يظن أنه في مأمن؛ وهو لم يرى الاختبار الحقيقي؛ فجميعنا ينكر على جميعنا؛ فمثلًا نرى أحدهم يزايد على أخطاء الناس في التوسط لأبنائهم، وما أن يصل إلى منصبٍ فيتبدل حاله إلى حالٍ آخر ويصبح في محل الاتهام. 

ولهذا أحيانًا نشعر أننا شخصان في شخصٍ واحد! 

إن لعب الإنسان لدورٍ واحد دومًا وهو دور النقد؛ يجعله أحيانًا يبصر الأمور بعينٍ واحدة؛ فهو لا يرى إلا ما يريد. ولا يسمع إلا فيما يرغب، وأحيانًا يصل به الحد إلى السعي إلى بسط رأيه على الآخر دون قبول أي رأي مختلف.

هل النسيان هو السبب؟!

أحد علماء الحديث البارزين أثار لطيفةً رائعةً في قصة موسى عليه السلام والعبد الصالح؛ فقال في تسجيلٍ ما معناه:

إن موسى عليه السلام أنكر على العبد الصالح أن يخرق السفنية؛ لأنها قد تغرق ولم يتعجب أن أمه وضعته في تابوتٍ وألقته في اليم. وأنكر عليه قتل الغلام الصغير، ولم ينكر على نفسه قتل الرجل في مصر. وأخيرًا تعجب موسى عليه السلام من العبد الصالح لأنه أقام جدارًا بلا أجر وهو أيضًا سقى للنسوة بدون أجر؛ فختم العالم كلامه بقوله فسبحان من يعلم ونحن لا نعلم!

بالطبع إن الأنبياء معصومون في عقيدتنا نحن المسلمين، والإشارة هنا ليست إلى أخطاء، لكن إلى فكرة النسيان والتي تصيبنا أحيانًا؛  فهل يمكن أن يكون النسيان هو السبب وراء ذلك؟ وهل تجد في حياتك تجربةً مماثلة للوقوع في فعلٍ كنت تنتقده؟!