يشيع في صفوف المثقفين الجدد، السخط الدائم من الوعي الذي تم اكتسابه نتيجة الثقافة، وأن هذا الوعي جعلهم مختلفين وبعيدين عن فهم الناس لما يجول في عقولهم، وهنا أتساءل هل الوعي نقمة وضريبة الثقافة والفهم بالفعل؟؟

"الوعي لعنة مُزمنة.. كارثة مهولة.. إنه منفانا الحقيقي.. فالجهل وطن.. والوعي منفى!"

هذا ما يقوله سيوران، فهو يرى أن الوعي لعنة تصيب صاحبها، وهي تنفي صاحبها عن القطيع، فالوعي يجلب الوحدة بحسب وصفه، وقد قال المتنبي:

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله

وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

بوصف العقل كإشارة للوعي والمعرفة اللتان تشقيان صاحبها ولو سكن الجنان.

الوعي هل هو لعنة؟!

من منظوري الخاص، أرى أن الوعي هبة وفتح للعقول المستنيرة، ولذا فليس كل شخص قد يتوفر على الوعي، وأرى أن معظم من يسخطون على الوعي يسخطون عليه إذا حوربوا بسببه، فالناس ترفض في البداية أي فكر مغاير لما اعتادوا عليه وإن كان فيه صلاح حالهم، وهذا يولد الحسرة لدى صاحب هذا الفكر أو الفكرة، فيشعر أن وعيه أصبح منفاه وهو بين أحبائه وأهله، لكن ما شأن هذا بالوعي نفسه؟

لا شأن له، فالوعي يولّد الخير لهذه البشرية بطريقة أو بأخرى، وبالوعي فقط نفهم ذاتنا ورغباتنا ودوافعنا ونسيطر عليها ونتخذ القرارات التي من شأنها أن ترفع من قدرنا فكريًا أو اجتماعيًا أو ماديًا، وبالوعي وصلنا لأصغر جزء في الذرة، وصعدنا به للفضاء.

وأحب أن أسمي الوعي الذي يمنح صاحبه شعورًا باللعنة، بأنه وعي مزيف، وقد يكون تفكيرًا زائدًا، لأن الوعي الحقيقي يجعلك منفتحًا على أخاك الإنسان وعلى الكون برمته للحد الذي يمنعك من الانسياق للمشاعر السلبية.

وأنتم يا أصدقائي هل تعتقدون أن الوعي لعنة ومنفى وشقاء لصاحبه؟