يقول إرنست همنغواي: "يحتاج الإنسان لسنتين ليتعلم الكلام وخمسين سنة ليتعلم الصمت" فبالرغم من كثرة النصائح التي تقدم ليصبح المرء متحدثًا ماهرًا نجد أن قلة ينصحون بفضيلة الصمت والإنصات، وحيث أننا نتفوه بالكثير من الأمور وبعدد كلمات مهول يوميًا، أتساءل هل لكل ما نتفوه به قيمة حقيقية أو معنى حقيقي؟

والإجابة قطعًا لا، تعلمت مع الوقت أن الصمت خصوصًا في الجلسات التي يزيد عدد أفرادها عن اثنين خير من التحدث بكثير، لأنه يمنحني فرصة لأراقب وأستفيد من كل ما يقال، ولأفهم تفكير الآخرين وما يجول في رؤوسهم بشكل أفضل، وبهذا سيصبح تفاعلي معهم فعّال ومجدي بشكل أكبر، ويتحقق ذلك من خلال تطوير مهارة الاستماع، ويمكن تطوير مهارة الاستماع بعدة طرق منها الانتباه لما يقوله الشخص المقابل، ومنع نفسي من إطلاق الأحكام والانشغال بتجهيز الرد فعوضًا عن ذلك أحاول تحليل الكلام وفهمه،

ولكن هل الصمت يعني دوما أننا نفهم ما يقال؟

وهنا يحضرني هذه الأبيات لأبو بكر الصديق

عَجِبتُ بِإِزراءِ العَيِيِّ بِنَفسِهِ

وَصَمتِ الَّذي قَد كانَ بِالقَولِ أَعلَما

وَفي الصَمتِ سَترٌ لِلعَيِيِّ وَإِنَّما

صَحيفَةُ لُبِّ المَرءِ أَن يَتَكَلَّما

فليس بالضرورة أن يكون الصمت دليل على العلم والفهم، ولكن كما قلنا فهو يساعدنا على تطوير فهم أفضل للأشخاص من حولنا، والصمت يصبح أكثر أهمية حين يدور الحديث في أمور لا تفهمها، فكما يقال: لو تحدث الجميع فيما يفهمون فقط، لبلغ الصمت حدًا لا يطاق! ولذا فعُد الصمت فضيلة، لأنه يمنحنا أفضلية أن نزيد من معرفتنا، ونقلل من احتمالية التفوه بالحماقات، أخبروني هل تتكلمون أكثر مما تنصتون؟ وإن كان الشخص بطبعه ثرثارًا كيف يمكنه أن ينمي مهارة الإستماع؟