أثناء قراءتي لأحد الكتب استوقفتني كثيرا هذه المقولة لشكسبير، ثم حدث وفي أثناء مناقشتي مع أحد الأصدقاء، نفى تماما أنه قد يتغير مهما تغيرت الظروف، وأنه هو نفسه بمميزاته وعيوبه منذ أن كان طفلا صغيرا.

اختلط الأمر في عقلي بين ما قرأت وبين مناقشتي مع صديقي والذي بالمناسبة كثيرون مثله يرفضون التغيير أو لنقل الاعتراف بالتغيير الذي حل بهم.

أما شكسبير هنا فقد تعرض للتغيير لسبيين: الأول وهو زيادة الوعي الذاتي الذي يعبر عن الانتباه إلى الطريقة التي نفكر بها ونشعر من خلالها ونتصرف بناء عليها.

وتبدأ زيادة الوعي بشيء بسيط جدا وهو أن نسمح بمساحة من الوقت لأنفسنا، لنتأمل حالتنا الداخلية ولماذا تصرفنا على نحو ما، مثلا أثناء الزحام، أو أثناء الحوار مع صديق لماذا فجأة قمت برفع صوتي أوغضبت بشدة، لماذا أصبحت أكره العمل وبناء عليه أصبحت أذهب متأخرا إليه.

تعلمت أن أقبض على أفكاري المتسلسلة واحدة تلو الأخرى وأقوم بتحليلها بوعي في نفس اللحظة ،ثم تسمية مشاعري باسمها الحقيقي، فعندما أفكر مثلا في العمل أو الزحام، هل أنا أشعر بالملل أم التوتر؟ ولماذا؟ 

أما عن النصف الثاني من المقولة فهو خاص بالألم النفسي الذي إما يطوّر من النفس البشرية وينضجها أوعلى العكس يهلكها تماما.

طريقتين في التعامل مع الوجع النفسي: إما الهروب والانغماس في مشاغل الحياة المتلاحقة ظنا منا أننا بذلك نتجاوز مرحلة الألم وننكر وجوده تماما.

أو التجمد والوقوف عند لحظة الوجع والغرق في مشاعر الحزن والسماح له بالسيطرة على حياتنا .

أما التعافي من الألم النفسي فلن تجدى معه هاتين الطريقتين، لأن الخروج من التجارب المؤذية يحتاج لوقت للاعتراف بالحزن والسماح للضعف االبشري بالوجود، ثم التعرف على نفسي من جديد وإعادة حساباتي وترتيب حياتي .

وإما سنخرج من التجربة شخص سليم وأقوى وأكثر قدرة على احتواء نفسه والآخرين، أو سنخرج أكثر خوفا وهشاشة وقلقا.

 في رأيكم كيف يمكننا زيادة الوعي الذاتي وبالتالي رفع الوعي الجمعي؟ وهل بالفعل تغيرت أفكاركم ومواقفكم تجاه الحياة والناس؟