الأميش هم طائفة مسيحية، تنتشر في مناطق محدّدة في الولايات المتحدة وكندا، ويحرصون كلّ الحرص على وحدة مجتمعهم، وينبذون الانفتاح الزائد على العالم الخارجي.

هناك أعتقاد سائد أنَّ الأميش ضدّ الحداثة والتكنولوجيا، لكنَّ هذا اعتقاد بسيط، فهم لهم طريقة خاصّة في التعامل مع المُحدثات الجديدة والتقنيات الحديثة.

إذا كُنتَ آمشيًا، فلن يُسمح لك بقيادة سيّارة، لانَّ هذا يعني أنّك ستتجوّل بعيدًا عن المجتمع بسهولة، ستغرّك المناظر البهيجة خارج المجتمع، وتشغلك عن حقوق المجتمع الأمشي من زيارة الكنائس وعيادة المرضى وصلة الرحم.

الفكرة أنّ من قيمهم العليا هو الحفاظ على تماسك مجتمعهم، وأيّ شيء يُمكن أن يؤدي بهذا التماسك يُنبذ ويُرفض، فأجهزة التدفئة المستقلّة في كل غرفة من غرف البيت مرفوضة، لأنَّ هذا يعني أنّ الأسرة ستبقى متفرّقة، لكن هذه الأجهزة محبّبة إن كانت في صالة البيت حيث يُمكن أن يجتمع الأفراد معًا.

يبدأ الأمر بطلب أحد أعضاء المجتمع احتضان تقنية جديدة، فيسمح له الكاهن المسؤول بعد التعرّف على التقنية الجديدة، ومن ثمَّ تمر التقنية بفترة تجريبية، تُعرف منها الفوائد والأضرار، قبل أن تطبّق على نطاق واسع أو تُرفض رفضًا قاطعًا.

ولك أن تتخيّل أن قومًا بهذا التفكير سيحظرون استعمال الهواتف الذكية والانترنت، الأميش يبدؤون بأهمّ القيم التي يؤمنون بها، وثمَّ يعملون من هذا المنطلق، فإذا كانت التكنولوجيا الجديدة تتوافق مع هذه القيم، قبلوها وطبّقوها، ووضعوا عليها القيود لتقلّل من آثارها السلبية، أمّا لو كانت التقنية لا تتوافق مع هذه القيم، ردّوها على أهلها واستمرّوا في حياتهم.

لا أعتقد أنَّ هذا النمط من العيش، وما فيه من التقييد هو نمط صحّي، لكنّنا يُمكن أن نتعلَّم ونُلهم من تجربة الأميش، ونبدأ في تخيّر التكنولوجيا التي تنسجم مع قيمنا وأهدافنا، ونحدِّد استخدام بعضها بشكل يضمن لنا أقصى استفادة وأقلّ ضرر.