كنت قد رأيت هذه الصورة في مجتمع تسلية قبل أيام وربما رأيتها أنت أيضا عزيزي القارئ.

لنفترض أن الكاريكاتور بأدوار مقلوبة, فالمرأة هي من تقرأ خبرا بجريدة به أن دراسة تقول "النساء اللائي يطلّقن أزواجهن المزعجين يتمتعن بصحة نفسية أفضل" في حين الرجل من يرتكب العنف ضد الزوجة وهو يردد "مثقفة جدا حضرتك".

هكذا صورة لن يجدها أحد مسلية على الإطلاق, بل قد يستنكرها الجميع لما تحمله من عنف, فلماذا؟

لماذا الصورة الأولى مسلية والثانية مستنكرة؟

هذا لأن الصورة الأولى مستحيلة الحدوث وهذا ما يجعلها مضحكة, بينما الثانية تحدث بشكل يومي, فلا جديد في اعتداء رجل ما على زوجته لسبب من الأسباب.

المرأة التي تعلم أن زوجها يود الزواج من امرأة ثانية لن تُطلق عليه النار بل ستصرخ وتبكي وربما تقع أرضا هذا كل ما في الأمر. لأنها الأضعف جسديا واجتماعيا, ربما إن كانت زوجة عنيفة تهرع للمرأة الثانية لتعنيفها بدل تعنيف الزوج, هي الخاسر في كل الأحوال, فإذا طلبت الطلاق ستعيش بؤسا واعتداء لفظيا من طرف المجتمع وربما فقرا وضنكا بالعيش... لذا من المضحك والمسلي تخيل سيناريوهات أن المرأة تطلق على زوجها النار أو تضربه على رأسه بمقلاة.... أليس كذلك؟

هي صور كاريكاتورية نراها ونكت نسمعها طول الوقت, عن المرأة القوية التي تعتدي على زوجها حفاظا عليه...فالنساء الفقيرات بعالمنا إذ يستمتن للحفاظ على أزواجهن ليس حبا في أغلب الأحوال بل لغياب الخيارات وخوفا من ضياع المكتسبات.

هذا يذكرني عندما يحصل حادث مأساوي لمجموعة عمال ويأتي المذيع لاستجواب الزوجات, يبدأن بالبكاء وترديد عبارات من قبيل "أنا وحيدة ولي أبناء صغار ولا معيل لي ولا أدري ما أفعل الآن, ساعدوني!".. لطالما ضحكت من هذه التصريحات, لقد كنت أحاول إضحاك أخي أيضا وتنبيهه أن الزوجات بالروبورتاج لا يعبرن عن فجعهن من فقدان حبيب بل كل تفكيرهن منصب على "فقدان المعيل", لأن الواقع ألعن من التفكير في فقدان حبيب مع وجود أطفال جياع, وأم بلا أي دخل ولم يسبق لها العمل من قبل.

لذا بالنسبة لي الكاريكاتور غير مسلي بل يحمل وراءه واقعا كئيبا.