بي شغف بالموسيقى بأصنافها وأشكالها، مع أني من محيط يمكن وصفه بالمحافظ تقليدا، لكني مع هذا مارست شغفي بحرية تامة، فقليلة جدا هي النصائح المضادة التي تلقيت في هذا الشأن، ولا إكراه، لي شغفي وللباقين شغفهم في ممارسة الورع الموروث عن الموسيقى، والفن.

في بداية صداقتي والفن، كانت روائع سدوم وديمي¹ وكاظم الساهر أبجدية أتناولها محاولة لهذه اللغة، ومع أني كنت متابعا نهما لصراع المفتين، لم أرهق نفسي في البحث، وأصلت عاطفيا لحكم خاص بي، فالمرء كما يقولون فقيه نفسي إن فقه، وأنا فقيه نفسي عاطفيا، وبهذا أوصدت بابا أمام نصائح هاطلة من أصدقاء وصديقات مثلي يمارسون الدعوة عبادة.

حتى الآن لم أحسم هذا القرار ولا زلت أستمتع للموسيقى بنوع من التحفظ والتخوف اللإراديين، ولم أجد لهما تفسيرا علميا، وإن من الخطإ بناء العواطف على العلم، ففوضى العاطفة ونظام العلم لا يتفقان. إلا أني حاولت.

كل أنواع الغناء تعجبني وتطربني، حتى أني أحيانا تتملكني رغبة في الرقص على الأنغام الغربية حين أسمعها، وإن كنت لا أفهم منها شيئا، ولا أتورع عن صنف على حساب آخرَ فكلها موسيقى وغناء، وهما دواء الأرواح، ومتعة الحس.

ففي آخر الليل يفهم القلقون بالحب، والمشدودن بالتوتر والهاربون عن النهار القيمة الكامنة في الموسيقى، واحتواءها التشتت وجبر الصدوع التي يمارسها الزمن علينا عادة.

1- سدوم، ديمي: فنانان موريتانيان اكلاسيكيانِ، شكلا ثنائيا في الفن الموريتاني.

فهل ثمثل لكم الموسيقى شيئا؟