في بعض الأحيان أسأل نفسي: من أنا؟ فتغيب عني (من) وأبقى أحفر في أعماق الأنا، لأنّ لها جاذبية قاهرة قادرة على شدّك إليها لتعيش معها وحدها، وتعيش معك وحدك.

هذه الأنا تدل على الذات، كما تدل على الصفات، وتشير إلى هويّة الإنسان، ولا يستطيع أن يتخلص منها؛ لأنها حاضر مع وجوده لا تنفك عنه.

هذه الكلمة (أنا) استعملها إبليس معترضا على الرب سبحانه حيث طلب منه السجود لآدم حيث قال: (أنا خير منه) فكانت دلالة على تكبره وغطرسته، فتسببت بلعنه وطرده.

كما استعملها الطاغية فرعون مدّعيًا أكبر كذبة في الوجود، وهي ادعاؤه الربوبية، حيث قال: (أنا ربكم الأعلى) فكانت نهايته الموت غرقًا.

كم هي مهلكة هذه الأنا عندما يستعملها البشر، والغريب أن فئة من البشر لا تكتفي بأنا واحدة بل تجمعها فتكون نحن، وكأنه يقول: أنا وأنا وأنا، لذلك لا نتعجب أن يقول أحدهم للآخرين: من أنتم؟ لأنّ الأنا عنده قد تضخمت حتى صارت حائطا سميكا عاليًا يمنعه من رؤية غيره. وآخر يقول: (أنا فهمتكم) فمحور الحديث الأهم أنا، ثم تأتي فهمتكم، فأنا في المقدمة دومًا