"إن الحياة هبة، ومن الممكن أن نجعل من كل دقيقة منها عصراً طويلاً من السعادة، الآن حياتي ستتغير الآن سأولد من جديد."

بعد أن كان على وشك أن يُعْدَم ويفقد حياته للأبد، سطر دستوفيسكي حروفاً من ذهب وبعث بها لأخيه في رسالةٍ كان هذا اقتباساً منها.

العجيب أن دستوفيسكي كان يملك من العمر آنذاك ثمانية وعشرون عاماً، عاش فيها مغامرات وبطولات وأزمات وتجارب جمَّة لكنه لم يدرك معنى أن تكون على قيد الحياة إلا لحظة وقوفه في وسط ساحة بيانير سكايا أمام جمعٍ غفير وعسكريٍ يترجَّل من على متن عربته حاملاً رسالة محتواها أن حكم الإعدام خُفِّف، فقرر أنه ولد من جديد وأن كل دقيقة قادمة من عمره ملكٌ له.

الحياة هبة بالفعل! فهي فرصة قصيرة المدى وكلٌ منا عليه اغتنامها حسب ما يراه مناسباً.

تبدأ أولى إنجازاتنا بتعلمنا المشي ثم الكلام فالذهاب للمدرسة واجتيازها بنجاح ثم الجامعة فالعمل فالأسرة والبيت كلها إنجازات ولو كانت بسيطة وبالطبع كلٌ منا له نظرته وأهدافه في الحياة، خُلقنا مختلفين وأهدافنا مختلفة وهذا يخدم ميزة التكامل المجتمعي وشعور النجاح وتحقيق الغايات حلوٌ لا يضاهيه أيُّ شعور آخر.

نحن نعيش الآن عصرَ الثورة الصناعية حيث تعتبر زيادة الإنتاجية لدى العمَّال والموظفين عاملاً مهماً فيه، ظهرت كتب التنمية البشرية وجداول تنظيم الوقت في كل مكان ومصطلحات جديدة كمدمني العمل "Workaholics" فأصبح الفرد العامل يقضي أوقاتاً طويلة في العمل وهذا قد يؤدِّي لإهمال أسرته وأصدقائه.

وهذا يضعنا في حيرة فنحن لا نريد أن نكون مدمني عمل فقط نريد أن نستغل هذه الفرصة القصيرة المسماة حياة بصنع الذكريات الحُلوة مع أصدقائنا وأهلنا، فكيف يمكن للحياة أن تكون عصراً طويلاً من السعادة؟