التوازن والوسطية مطلوبة في كل أمرٍ من أمور الحياة ، ولا ينبغي على الإنسان أن يسعى في شيء ويغفل شيئًا آخر، ولو نظرت حولك لوجدت الناس أصناف عدة، فهذا يرهق جسده ، وهذا يرهق عقله، وهذا يرهق مشاعره ، وهذا يبذل الغالي والنفيس في سبيل الوصول إلى مبتغاه .

وقد لا تراه مهتمًا بغير ما يسعى إليه،وسواء أكان ذلك على حساب أسرته وأولاد،أو صحته وماله،أو صحبته وقرابته .

ونسي أو تناسى ما حثنا ديننا الحنيف عليه وقد أورد البخاري في صحيحه ، قصة أبو الدرداء لما زاره سلمان الفارسي - رضي الله عنهما - فما وجده، لكنه وجد أم الدرداء وهي متبذِّلة - أي تلبس ملابس العمل - فسألها عن شأنـها، فقالت: أخوك أبو الدرداء ليس له بنا حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعامًا، فقال له: كُل، قال: فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نَـم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نَم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نَم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قُم الآن، فَصَلَّيَا. فقال له سلمان: "إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقّه"، فأتى أبو الدرداء النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "صدق سلمان". رواه البخاري.

فعلام يجهد الإنسان نفسه ، فالأرزاق قد قسمها البارئ - عز في علاه - بين عباده ، وما على المرء في هذه الدنيا إلا أن يسعى فقط !

ولا فض فو أبا العتاهية حين قال :

هوّن عليك فإنّ الرزق مقسوم
والعمر في اللوح محدود ومعلوم.

فلا يزيد على ما خط منه كما
لا يدفع الجبن ما في الغيب محتوم.

فبذلك الجهد في سعي تروم به
زيادة الرزق جهل منك مذموم .

فعش حياتك واستمتع بها،ولكن بتوازن فلا يطغى جانب لك على جانب، فهذه الحياة قصرة، وتذكر قول المصطفى عليه الصلاة والسلام لحنظلة ( ساعة وساعة ) .

أ / بدر بن سليمان ناصر البدر