يمكن تحمل أنواع شتى من الاختلاف لكن اختلاف المبادئ والطباع لا يمكن تحمله، بقدر اتفاقهما يكون القرب، وبقدر اختلافهما يكون البُعد، وإلا تأثر كلٌ بالآخر وصَعُب بعد ذلك تقبل الاختلاف... والمحافظة على الحدود عند الاختلاف فيهما ليس تعقيدا للأمور ولا بخيانة للعِشرة -إن كان بلا تجريح-، لكنه حافظ ومُنجٍ للنفس من التأذي والتسبب بالأذى فليس أيٌ منا بملاك... قال صلى الله عليه وسلم: "الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف"🌷🌷
اختلافنا...
لكن اختلاف المبادئ والطباع لا يمكن تحمله
إختلاف المباديء والطباع أمر طبيعي في أي مجتمع ،فمثلًا مايعجبني ليس بالضرورة يعجب الآخرين وما يعجب الآخرين ليس بالضرورة يعجبني ،فهنا المشكلة ليس في إختلاف المباديء والطباع ، ولكن يجب أن نعرف كيف أن نتفق بين بعضنا البعض مهما كان الغختلاف بيننا
صحيح لا أختلف معك في هذه النقطة، لكنني ربما لن أكون قريبة ممن يختلف معي اختلافات جوهرية فيهما بالتحديد، سنتقبل بعضنا ونعيش مع بعضها ونحترم اختلافاتنا، لكن ربما لن تربطنا علاقة صداقة قوية على سبيل المثال.
لكن ربما لن تربطنا علاقة صداقة قوية على سبيل المثال
من قال لكِ ذلك ؟ هل جربتي أن تصاحبي أي شخص ليس من طباعكِ أو حتى في المباديء
لي صديقة مختلفة تمامًا عني سواء في الطباع أو حتى المباديء ،أعتبرها صديقتي المقرية
لذلك لا أعتقد أن إختلاف المباديء أو الطباع قد يقف عائقًا أمام صداقتكما
لكلٍ منا تجربته والتي ليست بقاعدة مطلقة بالتأكيد.
من تجربتي، لي صديقات كُثر يختلفن معي في الكثير من المبادئ والطباع.. لا نتقارب كثيرا، ولكني قريبة جدا ممن يشبهني أكثر فيهما، وكذلك هن يندمجن أكثر مع من يشبههن...
بالطبع قد لا تنتهي صداقتنا لاختلافنا، ففي النهاية لا أحد يتطابق مع غيره ١٠٠٪ وكذلك لا يختلف معه ١٠٠٪، ولكني ألاحظ حسب تجربتي أن عمق علاقتي مع صديقاتي في علاقة طردية مع مقدار توافقنا في مبادئنا وطباعنا، وهذا لا يمنع أن أناس آخرين قد يجدون ما يربطهم ويجمعهم بآخرين مختلفين معهم فيهما ولكنها متقاربين بشيء آخر...
اعتقد أن الذين يخافون الاختلاف يخشون أن تكون معتقداتهم خاطئة، يودون أن يتم إجبار الجميع على ان نسلك مسارًا وادًا بحيث نتعرض كلنا لنفس الضغوط والاختلافات، هذا يوفر عليهم عبء التفكير في خطأ الطريق أو صحته، هذا نوع من الأمان الذين يريدون الحصول عليه
ولماذا حكمت أنهم يخافون الاختلاف؟
ليس بالضرورة خوف من الاختلاف، ربما فقط يبحثون عن الصديق الذي يفهمهم ويفهم طريقة تفكيرهم، ويتوافق معهم في مبادئهم، في تفريقه بين الصحيح والخاطئ في عامة الأمور..
ويتعاملون مع الآخر المختلف عنهم برقي، وتقبل واحترام، ويتناقشون في مبادئهم.. أفكارهم، لكنهم ربما لا يفضلون مرافقة المختلف عنهم!
لنفترض أني ذهبت لمجتمع غربي، وكنت بمبادئي الإسلامية لا أسهر سهراتهم الخاصة، لا أرى الصحيح والخاطئ بنفس الصورة التي يرونها، حينها هل ستكون علاقتي معهم أقوى أم مع آخرى مسلمة تتوافق معي في تلك الأمور فنقضي مزيدا من الوقت معا في أشياء كلانا نراها صحيحة؟ هل إذا واجهت مشكلة ما من نوع خاص بتلك المجتمعات، هل ستفهمني واحدة بغير مبادئي أكثر أم تلك التي بمبادئي؟ بعيدا عن الصحيح والخاطئ، بالتأكيد بعض الأمور رمادية، وبعضها ليس بأسس ثابتة، لكن بشكل عام، أرى أن من سيفهمني هو من يتوافق معي، هو من سألجأ إليه في النهاية عند حاجتي للاستشارة ربما..
وقد نجد مثلا مَن طبعه الحرارة والنشاط الدائم هل سيكون متوافقا جدا مع مَن طبعه برود النشاط والتأني وهدوء الأعصاب! لا أظن ذلك، لا يعني ذلك أن عدم تحمل أحدهما للآخر يعني أنه يشك في مدى صحة طباعه، إذ لا صحيح ولا خطأ في مثل ذلك الأمر وإنما لكلٍ مميزات وعيوب ربما لا تتناسب مع الطرف الآخر، فبدلا من أن يأذيا بعضهما باختلافهما، ربما يحافظون على حدود في العلاقة حتى لا تتلف أعصاب الطرفين، ربما مثلا في علاقة عمل سيفضل الهادئ العمل مع رفيقه هاديء الأعصاب مثلا، وربما إن كان الاختلاف الوحيد فذلك يشجع المتصف بالبرود يسرع فس بعض الأمور فيزيد إنجازه، والآخر يتأني قليلا وينجز الأمور بدقة أكبر...
بالطبع هنا أمثلة قد تكون بسيطة لأني لم أسرد مجمل المبادئ والطباع الممكنة، وبالتأكيد بعض الاختلاف فيهما لن يؤثر، لكن شدة الاختلاف في الكثير من الأمور، ستجعل من الصعب في نظري تفهم الآخر، وربما في بعض الحالات يضفي الاختلاف رونقا خاصا للعلاقة، مثلا لا أحب من صديقاتي من تتفق معي في وجهة نظري تجاه مواضيع معينة، فذلك لا يلفت انتباهي للأوجه المختلفة له، حتى أني أحببت هذه الموقع لاختلاف رؤية كل شخص لكل موضوع، فأرى أفكارا وجوانب لم ألتفت لها ولم أعرفها، وغيرها التي أخطأت في تقديرها..
لكن مثلا إن كانت صديقتي من طبعها أن لا تتدخل للسؤال عن حالي كثيرا، لا ترى الصداقة على أنها أخوة، وكنت أنا من طبعي السؤال عن الحال وأرى علاقة الصداقة كرابطة الأخوة، فربما لا نتفاهم كثيرا، قد تعتبر اهتمامي تطفلا، وأعتبر حدود علاقتها معي لا مبالاة، في حين أن كلانا له طبعه الخاص الذي لا خطأ ولا صواب فيه، لكن الراحة ستكون أكثر مع من يشبه الشخص باهتمامه وطبعه كصديق في نظري.
ربما فقط يبحثون عن الصديق الذي يفهمهم ويفهم طريقة تفكيرهم، ويتوافق معهم في مبادئهم، في تفريقه بين الصحيح والخاطئ في عامة الأمور..
لا عيب في أن يبحث الإنسان عن من يشبه ولكن المعضلة تكمن أنه في غالبية الأمور يقوم الناس بتعنيف المختلف عنهم لأنه يجعلهم يشكون في الطريق الذي اتخذوه!
ويتعاملون مع الآخر المختلف عنهم برقي، وتقبل واحترام، ويتناقشون في مبادئهم.. أفكارهم، لكنهم ربما لا يفضلون مرافقة المختلف عنهم!
هذا اتجاه مجتمعي جديد لم يكن موجود مسبقًا، وستجدين غالبية كبار السن يقومون بالتعنيف بدلًا من التقبل!
لكن بشكل عام، أرى أن من سيفهمني هو من يتوافق معي، هو من سألجأ إليه في النهاية عند حاجتي للاستشارة ربما..
الحديث هنا ليس عن من يتوافق معك لانها علاقات الشخصية وبالطبع يحق لك اختيار الأشخاص الذين تتوافق معهم عقليتك، الفرق كما قلت لك في فكرة التعنيف التي يقوم بها الناس لو وجدوا الأمر مختلفًا عما توقعوه، هذا التخويف والتنبيع نابع من عدم ثقة الإنسان أصلًا في مسار حياته!
التعليقات