العلاقات الاجتماعية في زمن التكنولوجيا الحديثة .. تُعتبر عزلة أو تقارب؟

لطالما اعتقدت ان التكنولوجيا سبب لتباعد والفرقة مع انها تجعل العالم بين يديك ولكنه ليس مثل هذا العالم صحيح انك تتمتع فيه بالجرأة وشيئا من الحرية ولكن ترى نفسك معزول عن الواقع غريب فى الوطن ،وان شئت فسأل من يحبون المغامرة والسفر فى البرارى حيث لا شئ حديث هنالك تشعر بطعم مختلف للحياة وايقاع اروع للوقت بعيدا عن صوت الهواتف ومنظر التلفاز .

أحد التغيرات الأساسية التي أَلحظُها أن الناس فقدوا القدرة على تحمل البقاء بمفردهم. فمثلا عند محطات الانتظار وطوابير الدفع في محلات السوبر ماركت أو أي صالة انتظار، ولاحظت أنه بمجرد أن يكون لدى أي شخص ثانية واحدة فقط من الفراغ سرعان ما يتجه ليمسك بهاتفه ويعبث به. جميع الأبحاث تقول إن قدرة الأفراد على تحمل البقاء بمفردهم تتلاشى. وما يحدث هو أننا نفقد تلك اللحظة التي كنا نستغرق فيها في أحلام اليقظة أو في تأمل الذات، وينتهي بك الأمر وأنت تنظر إلى العالم الخارجي.

فتخيل أنك تفقد اللحظات التي تشاركها مع نفسك، فكيف تكون علاقاتك مع الآخرين، للآسف وسائل التكنولوجيا سلاح ذو حدين، وأغلبنا يستخدم الحد السلبي منها، تجد الأسرة الواحدة تجلس لتشاهد التلفاز مثلا تجد كل فرد منكب على هاتفه، لا يتحدث أحد، كلٌ منخرط في عالمه الافتراضي.

وأكثر المتأثرين به سلبا هم الأطفال والمراهقين، فترة بناء الشخصية، الطفل يحتاج للوقت ليلعب وليتأمل ما حوله ويتفاعل معه، لكن الآن أصبح التابلت والفون هو عالمه الافتراضي، ويقضي معظم وقته عليهم.

حل المشكلة يعود إلينا، فنحن من أخطأنا الاستخدام ونحن من سنقوم الأمر مرة أخرى.

هناك أشخاص كثر، بمجرد العودة من العمل إلى منزلهم يقوموا بغلق هواتفهم، وعلى الجميع فعل ذلك ليتثنى للجميع التواصل بشكل فعال، وأجدها طريقة فعالة لتوطيد العلاقات مرة أخرى.

وهناك من ألغوا حساباتهم على تويتر وانستغرام وفيسبوك، وفعليا قد فعلت هذا ما عدا الفيسبوك استخدمه للعمل، مع تخصيص وقت معين حتى الآن لم أصل لاستهلاكه كليا.

ربما تكون التكنولوجيا أثرت بشكل غير مباشر على التواصل الحقيقي بين الأفراد على أرض الواقع، ولكنه ليس فعلها هي ولذلك ذكرت أنه غير مباشر لأنها فقط قربت المسافات وجعلت هناك تواصل عن بُعد، ولكنها لم تطلب منا أن نجعل كل التواصل بيننا عن بُعد، لذلك المشكلة فينا وليست في التكنولوجيا، نحن من نختار الأسهل ونختار أن نفعل كل شيء ونحن في مكاننا .

التكنولوجيا فقط أظهرت اسوأ ما فينا، وهو ما كان موجود من البداية .. لو تأملت المشكلات المطروحة على مواقع التواصل سوف تجدها جمعها سب في الأقارب والعائلة والأزواج وكل طرف يرى نفسه الصواب والحق، نحن لا نتقبل اخطاء بعضنا ولا نغفر لبعض والجميع يرغب الابتعاد وفي نفس الوقت ينتظر الأخرين ليحاولوا الاقتراب منه

التكنولوجيا لم تكتب أو تنطق أو تأمرنا بشيء، لذلك العيب فينا ليس فيها !

التكنولوجيا جعلت الفرد قادر على الوصول إلى أي أحد والتحدث مع أي أحد حول العالم، ذلك يقلل مدى تواصل وجهد الفرد في التفكير بالحصول على الرضى المشاعري أيّا كان.

كما أدت كذلك لتراكم سوء الفهم، بالرغم من التفاهم والتقارب بين الأفراد إلا أن الحديث عبر الرسائل يبقى ضعيفاً والتعابير غير مكتملة فيحدث سوء تفاهم يؤدي إلى تراكمات تودي بالعلاقات إلى الهاوية.

يحدث سوء التفاهم باللقاءات الواقعية بين الأفراد فماذا لو كان عبر شاشة لا تصدر أي تعابير أو مشاعر، هذا سيؤدي إلى ضعف في بناء العلاقات واستمرارها

تبقى التكنولوجيا طريقة جيدة لتوفير الوقت والجهد ولكن في اعتماد المواقف الحاسمة والحديث المهم هي كارثة حقيقية ولا نستطيع انكار أن هناك الكثير من "القيل والقال" في وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي إلى مشاحنات وتنازعات وربما تؤدي إلى انفصال أُسر عن بعضها دون سبب وجيه أو لفهم خاطئ عابر، باعتبار أن الانسان كائن معقد فلا يمكنك توقع ماذا سيشعر ماذا سيتحدث فإن من الأفضل تجنب هذه المشاحنات ولكن في حال كنّا مسؤولين فقط وتحملنا مسؤولية ما نقول لكن من منّا يفعل ذلك؟ لا أعتقد أن التكنولوجيا تؤدي إلى التقارب بشكل مفيد ولا إلى التباعد بشكل نهائي، انها احتمالات تعتمد على وعيّ الفرد بما يقول وتحمله هامش الفهم أن التكنولوجيا ما هي إلا وسيلة وليست أساس في بناء العلاقات واستمرارها

اعتقد أن التكنولوجيا تساهم في تقارب سطحي بين الناس، في الوقت الذي ربما تكون تعلم فيه كل شيء عن حياة فلان وماذا يفعل، أنت لا تعلم ماذا كانت مشاعره وتصرفاته؟ كيف كانت لغة جسده؟ هل حافظ على حدود لياقته وأدبه في التعامل مع عدو له؟ كيف تكون نظراته تجاه المحيطين به طيبة أم شريرة وتحمل حقدًا؟ كيف تكون يداه على من حوله؟

للجسد أهمية كبيرة في التواصل لا يمكننا إغفالها أبدُا